في يوم العمل الإنساني.. سوء التغذية يلتهم أجساد اليمنيين
افتخار عبده
صادف يوم أمس الاثنين/ الموافق 2024/8/19 اليوم العالمي للعمل الإنساني، وتأتي هذه المناسبة في الوقت الذي تشهد فيه اليمن أعلى مستوى في نسبة سوء التغذية بين أوساط اليمنيين.
ويوم أمس الأول أعلنت منظمات أممية في تقرير مشترك صادر عن منظمات الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، والأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، أعلنت عن ارتفاع سوء التغذية الحاد في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بنسبة 34% خلال هذا العام 2024م مقارنة بالعام الماضي.
وأشار التقرير إلى أن “سوء التغذية الحاد يتزايد بسرعة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية؛ إذ يعاني الساحل الغربي من مستويات “حرجة للغاية” من سوء التغذية لأول مرة” موضحًا أن هذا” “يؤثر على أكثر من 600 ألف طفل، من بينهم 120 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد بالإضافة إلى حوالي 223 ألف امرأة حامل ومرضعة تعاني من سوء التغذية الحاد في عام 2024″.
كما أرجع التقرير هذا الارتفاع الحاد” إلى التأثير المركب لتفشي الأمراض (الكوليرا والحصبة)، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، ومحدودية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، والتدهور الاقتصادي”.
بهذا الشأن يقول فؤاد عون (متابع رقابي وميداني للدعم الصحي في مديرية الشمايتين والمقاطرة- محافظة تعز)” سوء التغذية أصبح هاجسًا مقلقًا وشبحًا مخيفًا يلاحق اليمنيين في هذه الأرض التي يعيش الناس فيها بلا أمن غذائي ولا صحي”.
وأضاف عون لموقع” يمن مونيتور” تتزايد أعداد المصابين بمرض سوء التغذية في اليمن وتتوسع دائرته كل يوم حتى أصبح يدخل إلى كل منزل بسبب عدم توفر غذاء كاف للأم والطفل”.
أوضاعٌ معيشية متدنية
وأشار إلى أنه في مديريتي الشمايتين والمقاطرة هناك أعداد كبيرة من الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، من الذين فقدوا مناعتهم بسبب تعرضهم لموجة من نقص الغذاء بسبب الأوضاع المعيشة المتدنية وكذلك تعرض الأسر الأشد فقرا بسبب عدم توفر الغذاء الكافي والمتنوع”.
وأردف” عدم توفر مصادر دخل للأسر المعدمة تسبب بالكثير من الأمراض لأفرادها فاليوم تواجه هذه الأسر موجة من الأمراض التي تسببت بها سوء التغذية مثل الشحنات التي يعاني منها الأطفال وكذلك الهزال لدى الأمهات ونقص التغذية العلاجية في المرافق الصحية التي أصبحت لا تؤدي أي دور صحي بسبب عدم توفر الدعم لهن”.
ولفت عون إلى أنه” هناك نسبة كبيرة من الإصابة بسوء التغذية الحاد والوخيم فقد بلغ في مديرية الشمايتين حوالي (800) طفل دون سن الخامسة على مستوي عزل المديرية وخاصة المناطق البعيدة من مركز المديرية كما بلغ عدد المصابين بسوء التغذية المتوسط بين أوساط الأمهات الحوامل والمرضعات حوالي (1500) حالة حسب تقرير الترصد التغذوية القادم من المرافق الصحية ما بين مديريتي الشمايتين و المقاطره”.
وتابع” بلغت نسبة الانتكاسات بين أوساط الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 20% من المواليد خلال الفترة من فبراير إلى يوليو2024م وذلك بسبب انقطاع المواد التغذوية من الداعمين خلال الفترة ما بين فبراير إلى يوليو وكذلك ظهور حالات انتكاسات بين أوساط الأمهات الحوامل والمرضعات”.
وأكد” ظهرت حالات جديدة مصابة بسوء للتغذية بشكل مفاجئ نتيجة انعدام التغذية للأمهات الحوامل والمرضعات وتعرضهن لحالات مرضية، لعدم توفر غذاء متنوع ومفيد للأمهات المرضعات والحوامل الأمر الذي أثر سلبا على صحة الأم والطفل”.
وأوضح: قلة الاهتمام بالتغذية وعدم توفرها يسبب أمراضًا مزمنة تصاحب الأم والطفل ويعود هذا إلى عدم توفر توعية صحية ترافقها تغذية علاجية للأمهات والأطفال وكذلك انعدام التغذية الوقائية في مرافق الصحة على مستوى عزل المديريات والذي يهدد بظهور أمراض وانكسارات صحية في أوساط المجتمع”.
وواصل” في تقرير اليونيسف لعام 2023- 2024 هناك نسبة سوء التغذية الوخيم بلغت على مستو محافظة تعز بنسبة 15% على مستوى كل عزلة في كل المديريات بالإضافة إلى انتكاسات جديدة متتالية بسبب عدم توفر التغذية المناسبة لصحة الأم والجنين”.
واختتم” نناشد كل المنظمات العاملة بالمجال الإنساني إلى دعم القطاع الصحي والعمل على سرعة التدخل في دعم هذه المرافق والعمل على تنشيط الكوادر الصحية لمواجهة هذه الموجة التي أصبحت كابوسًا في أوساط المجتمع اليمني”.
في السياق ذاته تقول أم وئام مصطفى تسكن في مدينة التربة محافظة تعز” طفلتي عمرها ثلاث سنوات ووزنها لا يتجاوز الـ 8 كيلو إطلاقًا على الرغم من ذهابي بها كل أسبوعين إلى المرفق الصحي لمتابعة حالتها وإعطائها تغذية أو ما تسمى بـ”بلمبي نت” “.
وأضافت لموقع” يمن مونيتور” بالعادة طفلتي تصاب بالحميات والإسهال، مناعتها ضعيفة وهذا ما جعلها لا تستجيب لمحاولة رفع وزنها ومداواتها من قبل المركز الصحي”.
وأردفت” هناك الكثير من الأطفال من هم بعمر ابنتي ومن هم أكبر منها وأصغر.. منهم من يعانون من سوء تغذية حاد وخيم ومنهم من يعانون من سوء تغذية متوسط، حتى الأمهات اليوم يعانين بشدة من سوء التغذية وأنا واحدة منهن”.
وتابعت” الأطباء يقولون لنا أن نهتم بالجانب التغذوي وننوع في الأكل، ونحن بالكاد نحصل على القوت الضروري الذي نسد به الجوع ولا يهمنا شيء غير ذلك”.
وواصلت” الاهتمام بالتغذية السليمة يحتاج إلى الكثير من المال لشراء اللحوم والأسماك والفواكه والخضروات وهذا ما لا نقدر عليه ولسنا وحدنا من يصعب علينا الحصول على ذلك”.
يؤكد ذلك عبد العزيز أحمد( مدير مكتب الصحة بمديرية سامع) قائلًا” انتشر مرض سوء التغذية بشكل كبير هذا العام وهناك إحصائيات لهذا العام أكثر من الأعوام السابقة فالأطفال في مديرية سامع وحدها من هم بعمر من 6 أشهر حتى 59 شهرًا من الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم حتى نهاية يوليو 2024 عددهم كالتالي
المرحلين لعام 2024م = 276 طفلًا، الحالات الجديدة المكتشفة خلال هذا العام 580 حالة منها حالتان توذم”.
وأضاف أحمد لموقع” يمن مونيتور” إجمالي الحالات المكتشفة بهذا العام والحالات المرحلة من العام الماضي 856 حالة وعدد الحالات التي تم نقلها للمعالجة في مراكز متخصصة 6 حالات وعدد حالات الشفاء ممن تلقوا المعالجة بالمرافق الصحية حتى الان 443 حالة، والوفيات حالة واحدة”.
وتابع “عدد المتخلفين عن متابعة المعالجة 30 حالة وعدد الحالات التي لم تستجب للعلاج 11 حالة وبقية الحالات 365 حالة لا زالت قيد المتابعة”.
وأردف” حالات سوء التغذية الحاد المتوسط بلغ عددها حتى نهاية يوليو 2024 كانت كالتالي المرحلين لعام 2024م = 486 طفلًا
والحالات الجديدة المكتشفة خلال هذا العام 626 حالة وبالتالي يكون إجمالي الحالات المكتشفة بهذا العام والحالات المرحلة من العام الماضي 1112 حالة وعدد الحالات التي تم نقلها للمعالجة في مراكز متخصصة حالة واحدة فقط”.
وأشار إلى أن” السبب الأكبر بهذا يعود إلى قلة الغذاء الصحي الذي تتناوله الأم وطفلها والوضع المعيشي المنهار الذي تسبب في عدم مقدرة أولياء الأمور على شراء الغذاء المتنوع والمناسب لصحة الأسرة بالإضافة إلى قلة التوعية لدى الأمهات في كيفية تغذية صغارها ورضاعتهم الرضاعة الطبيعية”.
العمل الإنساني في الريف يواجه صعوبات بالغة
وبين “هذه الأعداد لا تحكي الواقع في المديرية؛ إذ إن هناك حالات أكثر بكثير مما تم ذكره ولكن لم نتمكن من الوصول إلى هذه الحالات لعدة أسباب منها
ضعف الإمكانيات وطبيعة الجغرافيا الصعبة للمديرية إذ إن معظم حالات سوء التغذية تتواجد في القرى والمحلات البعيدة عن المرافق الصحية”.
وتابع” توقيف العيادة المتنقلة التي كانت مدعومة من منظمة اليونيسيف بالإضافة إلى أن الكثير من المرافق الصحية لا يوجد فيها شريك داعم ولا يوجد لدينا عاملين صحيين مجتمعين بالقرى والمحلات البعيدة عن المرافق الصحية وهذا ما تسبب في انتشار المرض أكثر وعدم قدرتنا إلى الوصول إلى الكثير من المصابين”.