اهم الاخبارتقارير وتحقيقات

المرأة اليمنية والتعليم : تاريخ من الاضطهاد على أساس الجنس

 

 

موسى العيزقي

 

في مجتمع منغلق كاليمن يعتقد معظم الرجال فيه أن دور المرأة ينحصر في تدبير شؤون المنزل من طبخ وغسل وتربية الاولاد ورعي للاغنام، استطاعت بعض النساء القفز على الموروث السائد من العادات والتقاليد الخاطئة والمفاهيم المتخلفة وحققن نجاحات باهرة في شتى مجالات الحياة ، ومنها التعليم الذي كفله الدستور اليمني كحق من حقوق جميع اليمنيين ” ذكوراً واناثاً” كما جاء في المادة”54″ من دستور الجمهورية اليمنية، والذي اقر الزامية التعليم الاساسي للجميع دون استثناء، ونص صراحة على ان تكفل الدولة بانشاء مختلف المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية .
غير ان العادات والتقاليد والمفاهيم الخاطئة التي لا زالت تهيمن على بعض العقليات اليمنية حرمت الآلاف من النساء اليمنيات، من التعليم ومنهن المواطنة اليمنية “ نجاة محمد” محور قصتنا اليوم.

 

لانها فتاة

تسكن نجاة محمد ” اسم مستعار” بناء على رغبتها في احدى ضواحي مديرية العدين بمحافظة إب، ولم يشفع لها سكنها قرب المدرسة الاساسية في القرية والتي لا تبعد سوى بضعة امتار من الالتحاق بالتعليم اسوة بقريناتها من بنات الجيران والاعمام.
وحين سؤالها عن سبب منعها من التعليم تقول بصوتا مليئًا بالألم والحسرة” حرمت من التعليم ليس لسبب مادي؛ وإنما لمجرد أنها فتاة، وبدأت نجاة تقول نجاة، التي تبلغ من العمر 27 عاما تسرد قصتها مع التعليم فتقول:
: كنت بالتاسعة من العمر وكطفلة لا تعي كثيرا من امور الحياة .. كنت اذرف الدموع كل يوم واطلب من ابي ان يسمح لي الحق بعد الطلاب الذين يقصدون صباح كل يوم مدرسة ال22 من مايو القريبة من منزلنا كي ادخل المدرسة مثلهم لكن ما كل ما يمتنى المرء يدركه.

وتشرح نجاة في سياق حديثها “للحياة اليمينة” : كنت اتعرض للضرب المبرح من قبل ابي ولما كبرت عرفت سبب ذلك رفض الاهل دخولي المدرسة والسبب انني بنت ولست ولد كما يقول لي ابي : عيب البنت تروح تدرس ايش يقولوا عننا الناس.

وتواصل نجاة: رغم وجود عدد قليل من الفتيتات في ذلك الوقت الذين كنا يقعدن في مؤخرة الفصل خلف الطلاب الا ان ذلك لم يشفع لي في ان التحق بالمدرسة اسوة باخوتي الذكور والسبب هو العيب من تعلم الفتاة.

وتتابع: اليوم بعد مرور 27 عاما اصبحت ام ولدي 3 اولاد وكل همي ان اعلمهم وادرسهم واحقق حلمي الذي منعوني اهله من تحقيقه فيهم رغم الصعوبات والمعوقات المادية والمجتمعية فالعلم سلاح الانسان في كل زمان ومكان.

 

تمييزاً على أساس الجنس في التعليم

وترى ايمان جمعان” ناشطة مجتمعية” ان المراة اليمنية يجب ان تكون قوية وتواصل تعليمها باي شكل من الاشكال وان تقفز وتتمرد على العادات والتقاليد التي حرمت المراة من ان تلتحق بالتعليم.”
وتضيف: التعليم هو قوة المراة الحقيقية وليس الاهل او الزواج فكل شي قد يروح ويبقى للمراة تعليمها وعملها.

 

دور القبيلة

يقول عبدالعزيز البعداني، اكاديمي بجامعة إب، ” لا يمكننا تجاهل دور القبيلة والعادات والتقاليد في حرمان الفتاة اليمنية من التعلم.”

ويضيف البعداني: وخلال السنوات الاخيرة ساهمت الحرب من حرمان الملايين من الجنسيين من التعليم خاصة مع انقطاع مرتبات المعلمين منذ قرابة اربعة اعوام وعدم مقدرة معظم الاهالي على الحاق ابنائهم في المدارس الخاصة وحتى القطاع العام اصبح التعليم فيه يتطلب دفع رسوم مالية “2000” ريال يمني على كل طالب او طالبة.

ويؤكد ذلك ما كشفه تقرير لمنظمة” اليونيسيف” من أن عشرات الآلاف من اليمنيات، اللواتي كن أصلاً ملتحقات في المدارس حرمن من حقهن في التعليم خلال العامين 2018 و2019، بسبب عجز أسرهن عن توفير أبسط احتياجاتهن المتمثلة في وجبة الإفطار، وعدم قدرتهم على توفير المستلزمات المدرسية. وفي العام 2019 وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، في تقرير لها بشأن وضع التعليم، أن نحو 500 ألف طفل يمني انقطعوا عن الدراسة منذ تصاعد الصراع أخيراً، ليضافوا إلى مليوني طفل يمني أصبحوا خارج المنظومة التعليمية منذ بدء الحرب في البلاد عام2015
ووفقاً للتقرير فإن أكثر من 2500 مدرسة لا تعمل في اليمن، إذ دُمر نحو 66 في المئة منها بسبب العنف المباشر، فيما أُغلق 27 في المئة، ويُستخدم 7 في المئة في أغراض عسكرية أو أماكن إيواء للنازحين

وذكرت” اليونيسيف” أن المنظومة التعليمية في اليمن تأثرت بشكل كبير بسبب عوامل عدة، منها التوقف عن صرف رواتب الكوادر التعليمية العاملة في ثلاثة أرباع المدارس الحكومية، ما جعل تعليم قرابة 4.5 ملايين طالب على المحك

كما أن ارتفاع نسبة الأمية تتجاوز الـ 65% مقارنةً بـ 45% قبل اندلاعها، وفقًا لتصريحات حكومية بصنعاء، فيما أكدت مصادر غير حكومية صعوبة الحصول على مؤشرات دقيقة للأمية في اليمن في ظل الحرب، غير إنّ واقع الأمية بعد سبع سنوات حرب ربما يتجاوز ما يتم الإعلان عنه

وتشير الاحصائيات الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية لعام 2017، أن نسبة الإناث في المرحلة الأساسية بلغت 42%، مقابل 16% في المرحلة الثانوية، وبالنسبة إلى التعليم الجامعي تقدّر نسبة الفتيات 7.5 %مقابل 18% من الذكور

تاريخ اضطهاد المراة في اليمن على أساس النوع، بدأ منذ زمن مبكر وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا سيما في الارياف والمناطق الغير حضرية، فالشاب يعطي امتيازات لا يمكن منح ولو اليسير منها لشقيقته الفتاة التي اقتصرت مهامها على مهام الضعف، كالعناية بالأطفال أو تحضير الطعام والتفرغ لتربية الاولاد وخدمة الزوج.

زر الذهاب إلى الأعلى