الكشف عن “3” سيناريوهات محتملة لتسوية الأزمة اليمنية وانهاء الحرب في اليمن !
منذ آخر جولة مفاوضات بين الحكومة اليمنية الحوثيين، من أجل حل سياسي للحرب في اليمن والتي انعقدت في ستوكهولم في ديسمبر من العام 2018، سيطر الجمود على الساحة، باستثناء جولات مشاورات تبادل الأسرى والمعتقلين التي حققت نجاحاً طفيفاً نهاية العام الماضي.
وفي الأيام الأخيرة لفترة الرئيس الأمريكي “ترامب” ألقى حجراً في المياه الراكدة، بإدراجه جماعة الحوثي في قائمة المنظمات الإرهابية، ليأتي خلفه “بايدن” بإلغاء القرار في سبيل إيجاد حل سياسي ودفع الجماعة للانخراط في مفاوضات من أجل إيقاف الحرب كما تقول الخارجية الأمريكية.
وبناءً على ذلك أرسل البيت الأبيض مبعوثاً خاصاً إلى اليمن هو مساعد وزير الخارجية تيموثي ليندركينغ، فيما يبدو أنه اهتماماً أكبر بالملف اليمني، في ظل وجود مارتن غريفيث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الذي تعين في فبراير 2018، ولا يزال يراوح من أجل إحياء المسار السياسي.
وعقب إعلان الخارجية الأمريكية الغاء قرار تصنيف الحوثيين “إرهابية” صعدت الجماعة عسكرياً وبشكل غير مسبوق باتجاه محافظتي مأرب والجوف “شرق اليمن” واحتدم القتال، بالتوازي مع اطلاق الصواريخ والطيران المسير على أهداف داخل السعودية، ومدينة مأرب.
وجاء هذا التصعيد بينما يعمل المبعوث الأمريكي على مؤازرة المبعوث الدولي باتجاه انهاء الحرب وعقد مفاوضات حاسمة، فيما تزداد الأمور تعقيدا بمرور الوقت، وتبدو الحلول السياسية بعيدة المنال وغير واقعية في ظل هذا التصعيد، في حين يرى آخرون أن المجتمع الدولي قادر على فرض الحلول للجلوس على طاولة الحوار.
وفيما ترى الحكومة اليمنية التي يدعمها التحالف العربي بقيادة السعودية أن التصعيد العسكري للحوثيين ينسف أي جهود دولية لإنهاء الحرب ويقوض جهود المجتمع الدولي، متهمة إيران بالوقوف وراء ذلك، يدفع الحوثيون بحشود كبيرة باتجاه مأرب المحافظة النفطية لتحقيق مكاسب تعزز شروطهم في أي مفاوضات قادمة، مستغلين قرار واشنطن بوقف دعمها للتحالف في عملياته العسكرية في اليمن.
وبين المخاوف من تعقيد الوضع وتصاعد الأعمال القتالية بين الحكومة والحوثيين، والآمال البعيدة في إمكانية التوصل إلى حل، يتحرك المبعوثان “الدولي والأمريكي” بين الدول الفاعلة وذات الشأن في الملف اليمني، علاوة عن الاستماع إلى الأطراف المحلية.
حراك دولي
يصف رئيس مركز يمنيون للدراسات الأكاديمي د. فيصل علي التحركات الدولية لإنهاء الحرب في اليمن بأنها تسعى إلى تصفية القضية اليمنية.
ويعتقد أن الملف النووي الإيراني وتسوية الأمريكان وإيران يطغيان على الملف اليمني.
ويقول علي في حديثه لـ”المصدر أونلاين” إن التحركات الدولية تستند على نتائج الحرب طيلة الست السنوات الماضية واليمن على مشارف السنة السابعة حرب، أفرزت نتائج متناقضة على الأرض؛ جيش وطني، وميلشيات مدعومة من الإمارات في الجنوب وأخرى في ساحل البحر الأحمر،
ويرى أن هذه الافرازات ستكون حاضرة في أي تسوية سياسية قادمة على غرار أي تسويات حدثت في بلدان النزاع في العالم. من يسيطر على جزء من الأرض يدخل في التسويات.
في حين يذهب القيادي في حركة النهضة “مكون سياسي جنوبي” علي الأحمدي إلى أن سياسات إقليمية ودولية مختلفة تتداخل في الأزمة اليمنية.
وفي حديثه لـ”المصدر أونلاين” يؤكد الأحمدي صعوبة تحديد طبيعة التحرك الدولي وإلى أي اتجاه يسير، خصوصاً إذا كان من الواضح أن إيقاف الحرب لوحده لن ينهي الأزمة اليمنية بقدر ما يؤجلها ويطيل أمد معاناة الشعب اليمني.
ويقول الكاتب والصحفي اليمني محمد الشبيري أن التحركات الدولية ليست جديدة، وسبق أن عينت الأمم المتحدة أكثر من مبعوث كان آخرهم غريفيث، وباءت كل محاولاتها للحل في اليمن بالفشل.
ويعتقد أن الجديد هذه المرّة – هو تعيين مبعوث أمريكي لليمن في الأيام الأولى التي تلت فوز “بايدن”، موضحاً أن هذا يعطي انطباعاً جيداً، إلى حد ما، يتصل باهتمام هذه الإدارة بالملف اليمني.
وتابع الشبيري: “هذا يعني أن الولايات المتحدة انتزعت هذه المهمة من أطراف إقليمية كانت هي اللاعب الأساس في المعضلة اليمنية”.
مصير مرجعيات الحل السياسي
وفيما بات يعرف بالمرجعيات الثلاث التي تتمسك بها الحكومة اليمنية لأي حل سياسي، يقول القيادي في حركة النهضة “الأحمدي” رداً على تساؤل “المصدر أونلاين” إن المستندات القانونية الدولية في الأزمة اليمنية واضحة، سواء عبر قرارات مجلس الأمن، أو عبر المرجعيات المعترف بها دوليا كالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
لكنه يرى أن الإشكال يكمن في كون اليمن وأزمته بات ملفاً من ضمن ملفات يتم المساومة بها بكل وضوح لترتيب منطقة الشرق الأوسط وتحقيق أهداف واطماع الدول الكبرى.
ويختلف عنه الأكاديمي فيصل علي الذي وصف المرجعيات الثلاث بأنها “متقادمة العهد” في حين يرفض الحوثيون والانتقالي مخرجات الحوار.موضحاً أن الحرب افرزت واقعا جديدا يتطلب حوارا وفقا لمعطيات المرحلة.
أما المبادرة الخليجية فهي ينظره لمرحلة الثورة المضادة التي رعتها أطراف إقليمية ودولية، فلم تعد مرجعية، على حد تعبيره.
وبشأن القرار الدولي 2216 يقول علي إن التحالف والشرعية لم يتمكنا من الاستفادة منه طيلة مرحلة الحرب، فيما تلوح مؤشرات للتراجع عنه خاصة وحكومة بايدين تدعم الميلشيات الحوثية علناً ودون مواربة.
وإلى هذا ذهب الكاتب والصحفي الشبيري الذي تصور أن أي حل قادم قد يتجاوز المرجعيات الثلاث، لافتاً إلى أن الأحداث خلال ست سنوات من الحرب غيرت كثيراً من رؤى الحل في اليمن.
ملامح مستقبلية
يؤكد القيادي الجنوبي علي الأحمدي أن إطالة أمد الأزمة اليمنية لن يكون في صالح أحد لا اليمن ولا الإقليم ولا الدول الراعية، محذراً من أن يؤدي تصدع الدولة اليمنية وتلاشي سيطرتها إلى نمو الجماعات المسلحة وفتح المجال لحضور الاستقطاب الدولي للمنطقة والتدخلات التي لن تقود إلى استقرار بتاتاً وقد تضر بالسلم الدولي.
ويخلص إلى أنه لا يبدو هناك ملامح لحل حقيقي للأزمة اليمنية التي تسبب بها انقلاب جماعة سلالية مذهبية متطرفة استولت من خلاله على سلاح الدولة اليمنية..
بينما يؤكد فيصل علي أن ملامح المرحلة توحي بتأجيل الصراع لمراحل قادمة مادام وأن نتائج الحرب على الأرض سيئة اليمن بحكم المقسم بين شرعية ضعيفة وميليشيات مدعومة إقليميا ودوليا.
ويعتقد أن أي حل سياسي الان سيكون على حساب الشعب اليمني وعلى حساب استقلال وسيادة الجمهورية اليمنية وسلامة أراضيها.
بينما يبدو الشبيري متفائلاً في إمكانية إيجاد خطوات عملية من قبيل وقف اطلاق النار ونشر قوات دولية تشرف على فض الاشتباكات في أكثر من منطقة يمنية في حال كانت واشنطن جادة في فرض حل سياسي ومبادرتها لذلك.
وقال إن بإمكان الإدارة الأمريكية تقديم رؤية للحل تكون عادلة ومنصفة لكل الأطراف، دون أن تنتقص من حق الدولة اليمنية أو مساواتها بالمليشيات التي انقلبت عليها أو تنازعها صلاحياتها.
صحافة محلية – المصدر اونلاين