اليمنيون يلجئون الأعشاب والبهارات للتداوي من فيروس كورونا
متابعات
في ظل النقص الحاد في الأدوية، وقلة المستشفيات بفعل الحرب، لجأ العديد من اليمنيين إلى الأعشاب والبهارات، ظنّا منهم أنها قادرة على حمايتهم من فيروس كورونا المستجد، في بلد فقير يعاني من انهيار قطاعه الصحي.
وبدأ الوباء بالتفشي في اليمن في مطلع أيار/ مايو، متسببًا بوفاة 255 شخصًا، إلا أن أعداد الضحايا قد تكون أعلى بكثير، نظرًا إلى عجز المؤسسات الصحية عن تحديد أسباب الوفاة في الكثير من الحالات.
في تعز في جنوب غرب اليمن، يكدّس باعة أمام متاجرهم في سوق شعبي، أكياس الأعشاب والبهارات بألوانها المتنوعة، من الزنجبيل إلى الكركم، مرورًا بالثوم وحبة البركة والقسط الهندي، وهي تباع بأسعار مقبولة في مقابل أسعار الأدوية المرتفعة، رغم قلتها.
وصفات مضمونة
ولاحظ التاجر بشار العصار، في سوق الشنيني، زيادة كبيرة في إقبال اليمنيين على شراء وصفات مختلفة في الأسابيع الأخيرة.
وقال العصار: ”بسبب فيروس كورونا المستجد، يأتي الكثير من الناس لشراء الأعشاب الطبية، كونها وصفات ناجحة لمكافحة الفيروس“.
وبحسب التاجر، فإن هناك وصفات ”مضمونة ومجربة وفعالة“ لمكافحة الفيروس، موضحًا أن ”الأنواع التي نبيعها تعتبر علاجات لرفع المناعة“.
وتعز، إحدى أكثر المدن تأثرًا بالحرب منذ بداية النزاع في منتصف 2014، وخسرت 50 من أبنائها بسبب فيروس كورونا المستجد، في أعلى معدل وفيات في مدينة يمنية بعد حضرموت (111) وفقًا لإحصائيات الحكومة.
وتخضع المدينة التي تحيط بها الجبال، ويسكنها نحو 600 ألف شخص، لسيطرة القوات الحكومية، لكن المتمردين يحاصرونها منذ سنوات، ويقصفونها بشكل متكرر.
أصبحت ضرورة
منذ اندلاعه في منتصف حزيران/ يونيو 2014، تسبب النزاع على الحكم في أفقر دول شبه الجزيرة العربية بين المتمردين الحوثيين والسلطة المعترف بها دوليًا، بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقًا للأمم المتحدة وبانهيار القطاع الصحي المعتمد على المساعدات الخارجية.
وفي البلاد التي تواجه الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، فإن فيروس كورونا المستجد بات يشكل عبئًا إضافيًا على العاملين في هذا القطاع، ويزيد من معاناة ملايين اليمنيين الذين يواجهون خطر المجاعة، وآخرين نازحين يعيشون في مخيمات عشوائية تفتقر للنظافة والمياه.
وتقول الطبيبة، إشراق السباعي، المتحدثة باسم اللجنة الوطنية العليا لمواجهة كورونا التابعة للحكومة اليمنية، إنّه ”لا يوجد في تعز سوى ”ثلاثة مراكز عزل، و40 سريرًا، وستة أجهزة تنفس صناعي، وهناك نقص في الكادر الطبي وفي الأدوية“.
وتابعت ”هذا يشكل مشكلة كبيرة“.
كما حذرت من أن إحدى ”المشاكل التي تواجه تعز، اللجوء إلى علاج الأعشاب غير المدروسة، مما يؤثر عليهم وعلى وضعهم الصحي سلبيًا“.
وقال العصار، إنه في السابق ”كان الطلب عليها لا يتجاوز 5%، اليوم الطلب عليها 100% ، كل الزبائن عندما تشتري بهارات، تشتري معها هذه الأعشاب، لقد أصبحت ضرورة“.
لا تنسوا اليمن
من بين هؤلاء، منير أحمد غالب، الذي جاء إلى المتجر لشراء بعض الأعشاب.
ويقول منير: إن ”أسعار الأدوية ارتفعت بشكل جنوني، مما يضطر المواطن للجوء إلى الأسواق الشعبية، لأخذ احتياجاته من الأعشاب الطبية، مثل الثوم وأعشاب مضادة لفيروس كورونا“، الذي تسبب بوفاة أكثر من 461 ألف شخص حول العالم، منذ بداية ظهوره في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وكانت منظمات إغاثة، حذرت في السابق من أن وصول فيروس كورونا المستجد إلى اليمن، ينذر بكارثة بسبب القطاع الصحي المنهار، داعية إلى دعمه.
وجمعت الأمم المتحدة هذا الشهر 1,35 مليار دولار من المساعدات الإنسانية لليمن، في مؤتمر للمانحين استضافته السعودية التي تقود تحالفًا عسكريًا دعمًا للحكومة الشرعية في هذا البلد، إلا أن هذا الرقم يوازي نحو نصف التمويل المطلوب، والبالغ 2,41 مليار.
ورأى مكتب منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن، في بيان، إنه طالما ”لم يف الداعمون بوعودهم، ومن دون تمويل إضافي، فإن البرامج الرئيسية ومن بينها الرعاية الصحية، تواجه خطر التقليص أو الإغلاق“
ضغط كبير
وتعاني مستشفيات اليمن، وخصوصًا في عدن، من ضغط كبير واكتظاظ في أعداد المرضى في غرفها، بسبب فيروس كورونا المستجد، بحسب أطباء وسكان، بينما يلف الغموض الوضع في صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين.
وبحسب دراسة أجرتها كلية لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة، فإنه قد يكون هناك بين 180 ألفًا إلى 3 ملايين إصابة في اليمن، بعد أشهر قليلة من تفشي الفيروس، متوقعة وفاة بين 62 و85 ألفًا من بين 11 مليون إصابة.
ويؤكد الطبيب في قسم الطوارئ في أحد مستشفيات عدن، جلال ناصر: ”لا يوجد لدينا أي تجهيزات ولا أجهزة، ولا توجد علاجات كافية لمواجهة انتشار الوباء، وهناك نقص شديد في الطواقم الطبية“.
وحذر بالقول: ”لا يوجد طاقم مدرب للتعامل مع الجائحة“.