اليمن وكورونا واستراتيجية الاحتواء.. سيناريو خاص لبلد خاص
د. ذكرى النزيلي
في بداية أزمة كورونا (كوفيد 19) كنت أرى أن اليمن في وضعها الحالي والمعقد باستمرار الحرب والنزاعات ووجود أوبئة أخرى مثل الكوليرا والدفتيريا ونظام صحي منهار ونظام سياسي هش وبنية تحتية ضعيفة جداً لابد لها من خطة خاصة تعتمد على استراتيجة خاصة لا مختلفة عن استراتيجيات السيطرة على المرض المطبقة في العالم المتقدم او حتى بدول الجوار.
لذلك وفي اعتقادي لا بد من تبني استراتيجية خاصة باليمن تعتمد على تقدير الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتاحة والمحدودة جداً، ويمكن أن تكون كالتالي:
أولاً: وضع استراتيجية عامة للعمل واتباع قدر الإمكان الإستراتيجية والبروتوكلات الموصي بها من منظمه الصحه العالميه (الكشف Detection •الوقايةPrevention •الأستجابةResponse)
ثانيا: وضع محاور أساسيه للعمل عليها بشكل أساسي وتنفيذي وهي كالتالي:
• إجراءات الحظر والعزل (وليس الغلق التام للموانئ نتيجة لأن البلد يعتمد علي استيراد المواد الأساسيه والسلع الغذائيه بشكل أساسي)ولكن يتم تطبيق نظام الفرز والترصد على البشر وأيضا علي رش البضائع بالمواد الكيماويه الموصى بها.
• اجراءات الترصد (الاعتماد علي نظام الترصد الجيد للكوليرا وتفعيله وتحويره بما يخدم ترصد مرض الكوفيد 19)
• إجراءات الوقاية وبحسب الإمكانات المتاحة من أجهزة فحص وتوفر أدوات الحماية الشخصية في كل المرافق ذات العلاقة.
• إجراءات الاستجابة (بداية من تفعيل وتخصيص مراكز الصحة الأولية لمتابعة حالات الإنفلونزا الموسمية والرشح والالتهابات التنفسية وغيرها من الأعراض الشائعة) ودعم هذه المراكز بنظام الفرز للتفريق بين مرض كورونا والأمراض التنفسية الاخرى).
• إستمرارية دعم مكافحه الأمراض والأوبئة الأخرى والبرامج المجتمعية لحزمة التدخلات الأساسية للتطعيم ومعالجة سوء التغذية والصحة الإنجابية وبرنامج الرعاية التكاملية للأطفال.
ثالثاً: تقسيم الخطة ووضع خطة عمليه ذو ثلاث مراحل مبدئياً بناء على مراحل زمنية واسترتيجية كالتالي:
1. مرحلة الاستعداد (المرحلة الحالية)
2. مرحلة ظهور أول حالة أو بؤرة للوباء في منطقه ما (سيناريو 2) وهو ما تم بحضرموت وغيرها.
3. مرحلة تفشي المرض. (سيناريو 3)
رابعاً: إثراء الخطة بإضافة سيناريوهات جغرافية (وقد تتشابه وتتداخل الخطط / الأنشطة الفرعية للثلاث المراحل “مرحليا وزمنيا” لكن لابد من وضع هذا السيناريو حتى يتم العمل به بشكل واقعي وتنظيمي ويسهل متابعته ومراقبته.) لذلك يجب الآتي:
• تحديد وتقسيم الجمهوريه إلى مواقع جغرافية ومحافظات 1- ذات خطورة عالية 2- ومناطق منخفضة الخطورة للبدء بها بناء علي وضع معايير الخطوره لتفشي المرض واحتمالية ظهوره ثم وضع سنياريوهات حلول شاملة (كل إجراءات الخطة الشاملة المتعارف عليها) لهذه المناطق.
1- مناطق عالية الخطورة: بعض المناطق ستحتاج تقوية وتثبيت استراتيجيات وأنشطة تهيئة الترصد والتدريب والاستجابة في وقت واحد ومتوازي وكمرحله أولية.(مناطق عالية الخطورة) وهناك معايير معينة للمناطق عالية الخطورة مثل وجود المنافذ مع الدول الأخرى التي ينتشر بها المرض، امراض مستوطنة مثل الكوليرا والخناق او الدفتيريا) ومعيارالمؤشر الاقتصادي (معدل الفقر) والمؤشر الديموغرافي ذو الكثافة السكانية ووجود النازحين واللاجئيين والمهمشين بشكل كبير (حيث ولهم خطة خاصة أيضا).وأخيراً وجود سيطرة سياسية هشة ومشتتة مناطق فيها التركيبة السياسية والإدارية ضعيفة وغير واضحة نتيجة الصراع.
2- مناطق منخفضة الخطورة، وهي المناطق البعيدة عن منافذ الدخول المستقرة سياسياً واجتماعياً نوعا ماً، والوضع الاقتصادي والتكافل الاجتماعي أفضل من غيرها من المناطق وجود القطاع الخاص المحلي المتعاون والذي سيسهم بشكل كبير في دعم المجتمع بالأدوات اللازمة للتعقيم والسلال الغذائية، ومجموعة المناطق المنخفضة الخطورة ستحتاج الي التركيز على البدء بالتدريب وتهيئة مراكز الرعاية الصحية الأولية وتهيئة مركز واحد للاستجابة ورفع التوعية المجتمعية والصحية وتكون كسند بشري من الكوادر الصحية المدربة في حالة الاحتياج لهم من المناطق الأخرى الأكثر وباء.
ما ذكر أعلاه من وجهه نظري سيساعد علي تكثيف الدعم المادي والمعنوي عامة في المناطق العالية الخطورة واحتواء المرض وترشيد/ استغلال أمثل للموارد.
رابعا: تطبيق الخطة بناءً على الأولويات التي يجب العمل عليها وتحقيقها بشكل سريع، ويمكن أيضاً اعتبار التقسيم الجغرافي لمناطق الجمهورية وعوامل ومعايير الخطورة لتفشي المرض.
خامساً: محاولة تحديد القدرات المالية والبشرية والمؤسسية بما استطاع تنفيذه عمليا وكبرت أهميته (يتم العمل عليه وهناك مؤشرات موجوده).
سادساً: تفعيل منهجية الفرز واستغلال توفر شبكة مراكز الرعاية الصحية الأولية وطواقمها بعد تدريبهم على التعامل مع الحالات البسيطة والكشف عليها وتسليحهم بأدوات الحماية الشخصية والتي لابد من البدء بتصنيعها محلياً وبالتعاون مع القطاع الخاص والمنظمات والجمعيات المحلية.
مثال: (استقبال الحالات التي تشكو من الحمى والسعال وأمراض الجهاز التنفسي فقط ونزلات البرد الشديدة عامة، وذلك للتخفيف من حدة عمل المستشفيات المرجعية وتركها للمرضي ذوي الحالات الحرجه فقط.).
سابعا: عمل خطط مصغرة للتعاون والتنيسق مع الجهات التالية:
اولاً: تفعيل خطة الاستجابة السريعة والقوية بالمستشفيات العامة والخاصة (بعد التنسيق معهم) لسد العجر الحاصل بالمرافق العامة.
ثانياً: ضرورة التنسيق على وتيرة عالية بين أجهزة الدولة وقطاعاتها ووضع خطة تنفيذية سريعة، ومنها وضع آليات تنفيذية لمساعدة القطاعات المهمشة والنازحة والفقيرة جداً وتعويضها بالفقد المادي والغذائي نتيجة الإلزام بالحجر العام.
هذه استراتيجيه كنت قد صغتها وأرسلتها للجنة الطوارئ العليا واللجنة الفنية منذ شهر تقريباً وهي متاحة لأي طرف يريد العمل بها.
وفي اعتقادي نحن بحاجة حالياً لإضافة استراتيجيه أكثر خصوصيه لمرض الكوفيد وللمناطق المنكوبة بالكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والأمطار الغزيرة والتي عَقّدت الوضع أكثر واكثر وقتلت وشردت وهدمت بيوت بعض فئات المجتمع الفقيرة.
*اختصاصية الصحة العامة وطب الأطفال