ماهية الحروب .
عمر الحار
الحروب هي قارعة الزمان على الانسان وهلاك حرثه ونسله ، وخراب الديار والاوطان ، وليس هناك متسع من المقام لكي نؤتي بكل بشاعة مرتبطة باوصاف الحروب التي يشيب من هولها الولدان .
وظلت عملية الترويج لها تسير في خط تصاعدي ومتطور ويستجيب لكل مرحلة من مراحلها وعصورها حتى وصلت وتبلورة في مفهومها العام في الحرب العالمية الثانية ، وانتقلت منها الى مصاف منهجية التعليم في الجامعات ، وهي اليوم تعيش ذروتها وتتربع على عروش مختلف وسائل الاعلام التقلدية والحديثة التي تسخر لها امكانات مهولة يصعب التصديق بها .
وفي حروب المواقع الاشد وطأة على المتلقى تحرق سنابل الامال والاوطان في لحظة معا ، و ان اسقطت الحقائق حججها الواهية في غمضة عين يظل مسعى الانسان عليها بشكل جنوني ويبحث عن متعة الكذب الاعلامي بشق الانفس والوغول في متاعبها ، التي تزيد من عماه الفكري والبصري .
وهذا لن يجديه نفعا في حالة امتلاكه ناصية المعرفة لهذا النوع من ضروب الاعلام المخيف .
الكل مستميت في متارس الاوهام الاعلامية ويصعب تصور الحجم المهول لتداولها في شبكات التواصل ، انطلاقتها بسرعة البرق في الفضاء الكتروني المفتوح حتى تلطم عين المتلقى وعلى شغف و اينما كان في كل رقعة من المعمورة ، خرافة التعاطي مع المعلومات المتداولة تفوق الخيال في هذا المجال لكن نذرها كارثية على حياة الافراد والمجتمعات من ناحية تأثيرات السلبية التي من الممكن المغالاة في وصفها ، وطريقة تدميرها الممنهجة لحجر الاساس لفضيلة الصدق التي اقيمت عليها فضائل الرسالات السماوية العظيمة ، المزكاة بها نفوس اصحابها من الانبياء والمرسلين بقيم اخلاقها الروحانية والرحمانية النبيلة .
واستطاعت وسائل الاعلام الحديثة وبقدراتها التقنية المذهلة وللاسف من هدم هذا الركن الحصين في حياة الانسان وتحويله الى مسخ متقلب على كل الوجوه وفاقد بورصة نجاته في بحر ظلمات المواقع حتى اصبح ضحية لها ويصعب خروجه منها الا بمعجزة من السماء التي انقطع وحيها باخر الانبياء وامام الاتقياء والصالحين في الاولين والاخرين سيدنا محمد عليه افضل الصلاة والتسليم .
وهكذا تمكنت وسائل الاعلام الحديث من استباحت عقولنا ونفوسنا بالكذب بعد قضاها المبرم على فضيلة الصدق التي تقوم عليها المبادئ الاساسية للانسان واخلاقه ، وجعلتنا نتعايش مع اصناف البوار الماحق والساحق لها واعدمت وعلى رؤوس الاشهاد مشهد حضورنا في الحياة الانسانية برمتها ورمتنا على هامش حضارتها الكونية المعاصرة .
اذن نغتال كل يوم وبمحض ارادتنا بسموم مواقع التواصل الاجتماعي وما تكيله علينا من جرعاتها القاتلة على مدار الثواني لا الساعات .