الحياةاهم الاخبارحقوق وحريات

الحرب تضاعف من معاناة المرأة اليمنية

 

بلال المريري

تضاعفت معاناة المرأة اليمنية مع انطلاق شرارة الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو خمس سنوات وحتى الآن ، والتي رافقها تجاهل كبير لما تواجهه من انتهاكات و أوضاع مأساوية على كل المستويات

ورغم أن معاناة المرأة اليمنية لا تقتصر على زمن الحرب فقط، فالتقارير الدولية تؤكد أن حقوقها منتهكة ومعاناتها يومية في زمن السلم أيضا، وتحتل أدنى المراتب وأسوأها في الحقوق وتأتي في المراكز الأخيرة عالميا،غيرأن الحرب المتصاعدة في البلاد حاليا كشفت عن صورة أكثر مأساوية تعيشها المرأة أبرزها فقدان حقها في الحياة وتعرضها للتشريد والتهجير وانتهاكات أخرى لاحصر لها

وتشير التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أن / 30% / من ضحايا الحرب في اليمن هم من الأطفال والنساء

وأكد تقارير حقوقية يمنية أن نحو /1800/ امرأة سقطن بين قتيل وجريح منذ بدء المواجهات المسلحة وحتى مطلع العام الماضي 2019

وإلى جانب فوهات المدافع والبنادق والغارات الجوية تواجه المرأة اليمنية منذ بدء الحرب العديد من المخاطر المهدة للحياة وخاصة مع التدهور الكبير الذي أصاب القطاع الصحي وانتشار الأوبئة وتزايد معدلات سوء التغذية والفقر والبطالة في مختلف محافظات البلاد

وجاء في تقرير نشره صندوق الأمم المتحدة للسكان في وقت سابق أن أكثر من 3 ملايين شخص نزحوا جراء النزاع في اليمن تشكل النساء والفتيات أكثر من 50 % منهم.

وقال ” اعتبارا من شهر مارس 2015 هناك ما يقرب من /18.8 /مليون شخص يحتاجون للدعم الإنساني،/و10.3 /ملايين شخص بحاجة ماسة للمساعدة الإنسانية.

وبشأن مستويات انعدام الأمن الغذائي، أوضح التقرير أن التقديرات تشير إلى وجود نحو /1.1 / مليون إمرأة حامل مصابة بسوء التغذية، محذرا في الوقت ذاته من أن انهيار الخدمات الصحية يمكن أن يؤدي إلى وفاة/ 800 إمرأة حامل في اليمن مما يزيد من خطر حدوث المضاعفات أثناء الولادة.

مؤكدا أن نقص الغذاء وسوء التغذية وتدهور الرعاية الصحية في اليمن يجعل من عملية الولادة أكثر صعوبة، ويضع حياة الأمهات على المحك.

وأشار إلى أن هناك ما يقدر بـ14.8 مليون شخص يفتقرون للرعاية الصحية الأساسية بما في ذلك الصحة الإنجابية وأن المواد الطبية تواجه نقصا مزمنا في إمداداتها، ويعمل أقل من نصف جميع المرافق الصحية في جميع أنحاء البلد.

كما تؤكد تقارير المنظمات الدولية أن حدة المواجهات المسلحة باليمن  وتعرض بعض الأماكن لخطر القصف المدفعي والغارات الجوية حرم النساء من الحصول على الرعاية الصحية في وقتها المناسب، فكثير من الأمهات يلدن في ظروف صعبة وتفقد بعض النساء حياتهن بسبب تعقيدات الحمل أو بسبب أمراض كان من الممكن علاجها إذا وصلن إلى المستشفى في الوقت المناسب.

بدورها أكدت الناشطة الحقوقية / معين العبيدي / رئيسة مركز معين للتنمية المجتمعية / منظمة غير حكومية / أن المرأة اليمنية تعيش معاناة مستمرة وفي ظروف مكبلة بالعادات والتقاليد وتواجه انتهاكات متعددة مزرية ومعقدة ، وجاءت الحرب المشتعلة حاليا لتضاعف من هذه المعاناة ، حيث تشير الدراسات إلى أن حالات العنف الإجتماعي ارتفعت بنسبة 70% في ظل فجوة كبيرة في تمويل برامج حماية النساء، ناهيك عن الانتهاكات الأخرى ، وتعرض المئات منهن للقتل والإصابة بأدوات الحرب المختلفة

وقالت في تصريح لموقع / الحياه / إن النزاع المسلح والتوترات التي يعيشها اليمن، في أكثر من منطقة أثربشكل كبير على الوضع الإنساني للمرأة من الناحية المادية والمعنوية إذ تعاني من فقدان عائلها وكفالة أطفالها أو تجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة مما اضطر معظمهن إلى اللجوء للهجرة خارج البلاد هربا من ويلات الحرب وما تسوقه من فقر وجوع وخوف وشعور بعدم الأمان.

مضيفة بأن المرأة اليمنية تعاني أيضا من عمليات التهجير والنزوح وأصبحت تتحمل عبئ الحفاظ على الأسرة من التفكك نتيجة الوضع الإقتصادي المتردي ، وأظهرت الدراسات أنها أكثر من يعاني في زمن الصراعات نظرا لتفاقم مسؤولياتها تجاه أفراد أسرتها ومجتمعها ،

في ظل غياب أي برامج حكومية منظمة لدعم الأرامل وأطفالهن وانعدام مقومات الحياة الطبيعية .

وأوضحت /العبيدي / أن العديد من التقارير الحقوقية المتعلقة بوضع المرأة في اليمن خلال العامين الماضيين أظهرت تعرضها للتحرش اللفظي والجنسي، والتهديد بالاغتصاب ومنعهن من العمل،وفقدان الآلاف منهن حقهن  في التعليم ، ونالهن النصيب الأكبر من الأذى والمضايقات وخاصة في مناطق انتشار المليشيات المسلحة .

وأكدت أن المرأة اليمنية اليوم تتعرض للتوقيف والتفتيش وتعاني القتل والاختطاف في الشوارع ، أو في منازلهن التي تعرضت للاقتحام وانتهاك حرماتها، بينما كان العرف القبلي يحافظ على كثير من حقوق المرأة التي لا يوفرها القانون اليمني.

وخلال السنوات الماضية خاضت المرأة اليمنية صراعا مريرا لإثبات وجودها وانتزاع مكانتها في المجتمع ، حيث لم تكن صورة اليمن عالميا بالنسبة لوضع المرأة صورة حسنة ،فالمنتدى الاقتصادي العالمي كشف في تقرير أصدره عام 2015، حول أوضاع النساء في 142 دولة من الناحية الاقتصادية والأكاديمية والسياسية والعنف والرعاية الطبية احتلت اليمن المركز الأخير في العالم، فيما يتعلق بحقوق المرأة بل وأطلق عليها لقب أسوأ دولة يمكن أن تولد فيها النساء.

واعتبر التقرير الدولي أن اليمن من الدول التي فشلت في توفير فرص تعليم للنساء، خصوصا في مراحل التعليم الأساسية، وأكد على أن الفجوة الشديدة في التعليم تقود بالضرورة إلى فجوات في العمل والمشاركة السياسية فضلا عن ذلك صنفت اليمن من بين أسوأ الدول فيما يتعلق بالمساواة بين الرجال والنساء، حيث يسيطر الرجال على 80 % على الأقل من الوظائف الحكومية.

وأظهر التقرير حصول 7.6 % من النساء، اللواتي تبلغ أعمارهن 25 عاما على التعليم الثانوي فقط وعن معدل مشاركة النساء في الأنشطة الاقتصادية من خلال سوق العمل فوصل إلى 25%.

وبحسب الناشطة الحقوقية /معين العبيدي / فإن المرأة اليمنية رغم المعاناة التي تعيشها في محيطها المجتمعي قد سعت خلال السنوات السابقة لاندلاع الحرب الحالية بكل جهد لإثبات وجودها، وانتزاع مكانتها في المجتمع وذلك من خلال انخراطها في العمل السياسي والتطوعي والأنشطة الاجتماعية والتوعوية

وقالت إن المرأة كانت قد قطعت شوطا لا بأس به في مسار انتزاع الحقوق وحتى في المجال السياسي ، وكانت تطمح لتحقيق المزيد عقب الأحداث التي شهدها اليمن في العام /2011 / ، وتمكينها في مختلف المجالات ، خاصة وهي تعيش في مجتمع عانت فيه مختلف أنواع الصعوبات والحرمان على الصعيد الحقوقي بشكل خاص من إقصاء وتهمش وأمية وغياب للاستراتيجية الوطنية لإدماج النساء في مجالات الحياة العامة

مؤكدة أن الحرب الدائرة حاليا قضت على طموحات المرأة وأعادتها إلى حلقة مفرغة تسيطر عليها الصراعات والتجاذبات السياسية بل وضاعفت من معاناتها وجعلت مصيرها مبهما وسط تجاهل واضح من جميع القوى المحيطة بها، وأغرقتها في دوامة من العنف هي ضحيتها الأولى وجعلتها تخشى من المستقبل الذي لا تتضح معالمه وأصبحت تعاني ويلات الحرب ومخلفاتها.

زر الذهاب إلى الأعلى