غربة روح أم غربة وطن..!
الاهداء إلى رفيق الدرب وصديقي الأبدي ” نشوان النظاري
(1)
اكملت لليوم هذا اربعة اعوام في التمام والكمال،بعيداً عن وطني المثخن بالمأسي والجراح..!
ولأنى عشت الأسفار ” داخل الوطن” خلال مرحلة ماقبل الحرب ، لم أخوض تجربة السفر خارج مدينتي الجميلة” إب” أكثر من شهر..!
فحين غادرتُ مدينتي ” إب” قبل اربعة اعوام كان الحزن يعتصر قلبي، لكن الامل في غدٍ أفضل لم يأتي بعد دفعني للتغلُّب على خوفي.. وتحمل الحنين لكل ما تركته هناك ..ولا عجب فهي “إب” لا يمكن لاي مدينة بالعالم أن تأخذ مكانها في قلبي .. لم تستطع يد القاهرة التي احتضنتني أن تمسح الأسى عن جبيني المُنهَك .. وبحرها لم يروي عطشي لحاراتك يا اب..!
(2)
لولا قلة من رفقاء الطريق مازالوا على قيد الحياة، كرفيق دربي وصديقي الابدي ” نشوان النظاري” لازدادت غربتى وتوحشت.. أبوح بهذه الغربة بلا تحفظ مادام لى «قلب ينبض» وصدر لم تهاجر منه الدهشة.
ومنذ انقسمنا وتشتتنا أصبح الميناء الذي ترسو عليه سفينتى هو أملٍ منشود، وحلمُ بعيد المنال..
وفى هذا الميناء الاستثنائى أتخلص من حمولتى وأثقالى، ولقد بدأت هذه الموانئ تتناقص- بالرحيل- يوماً بعد يوم، ولأن الموت يحاصرنا،والعيون تصافح الجثامين ليل نهار، نضبت الدموع، وربما فقد الموت بعضاً من جلاله، والغربة بمعناها الشائع هي التواجد في مجتمع آخر ويتحقق هذا بالسفر بنظر الكاتب الكبير مفيد فوزي.
(3)
وحين يُمسي خبر الموت عادي ” حين يتناقص الاصدقاء حولك بين مفقود ومخطوف ومقتول ومسافر باع كل ما يملك ليخوض غمار البحر باحثا عن شاطئ أمان .. اعلم أنّها قسوة الحرب وقبح وجهها ..
رغم كل هذا الاسى والحنين الجارف لسنا اسواء حالاً من غيرنا.. فهناك من يعيش الجوع.. البرد..الحرمان .
وهناك العشرات من ابناء بلادي تُذبَح يومياً ألف مرّة من سماء غطّت زُرقتها سحب الدخان من ارض تستقي أرواحنا كُل يوم .. من وطن كان يوماً ما ارض كل العرب..
(4)
إننا اليمنيون نحيا ،نفكر ، ونبدع نطوي جراحنا ونبتسم للمستقبل هذا نحن .. هذا قدرُنا خلقنا لنكون ” أبناء الحياة “
وهكذا سنضل نبحث عن شي يفرح وسط هذه الاحداث المؤلمة والعجيبة.
والحمدلله على كل شي، وان شاء الله تخرج بلادنا الحبيبة اليمن الى بر الامان..ويعود ابنائها المتصارعون إلى رشدهم ويعم السلام ارض العرب الاولى.