الحياةاهم الاخبارحائط

زمن المليشيا ..!

 

كتب – نشوان النظاري

تتملشن الحياة في هذا البلد بشكل مخيف وفظيع وباعث للاسى ، وتتحول اليمن والوطن العربي مع مرور الزمن الى كيانات وكنتونات مليشاوية لها طابعها الثقافي والفكري والسياسي والعسكري وتصبح تلك التشكيلات المليشاوية نمط حياة وسلوك مجتمع وثقافة شعوب تفلتت من هويتها الجمعية الحقيقية فباتت شعوب متفرقة ضعيفة هزيلة منكسرة . شعوب متخندقة مذهبياً وفؤياً وطبقياً وجهوياً لا تحمل قِيم أو مُثل او اية فكرة جامعة . شعوب ليس لديها قضية او مشروع أو اهداف سامية اقل وانعم توصيف يناسبها ويلائمها أنها ” مليشيات ” شاردة تغط في غياهب التيه والغياب العام والماجن ..

ترزح المجتمعات العربية واليمنية على وجه الخصوص تحت ربقة نخب وكيانات بلا ملامح او هوية وتتحرك – تلك النخب – وفق قاعدة مصلحية صرفة وهاهي اليوم تقود البلد والشعب بمهارة مليشاوية لها قدرات وإمكانات جبارة صوب المجهول لتتخلق في كل لحظة مليشيا من نوع مختلف فهناك مليشيا دينية وأخرى سياسية وكذلك ثقافية وعسكرية وحتى إنسانية واممية ..

هناك جماعات دينية متطرفة في كل شيئ . الفن ، الادب ، والرياضة وترى نفسها على حق وما عداها على باطل ويصل بها الامر في احايين كثيرة الى انكار الاخر وطنيا ووجوديا وهذه ليست أكثر من مليشيا دينية تتعامل مع روحانية الدين وتعاليمه السمحاء
وعالميته وتعايشه وفق فهمها المحدود و الضيق والموجه وكذلك وفق ما يراه قادة تلك الجماعات .

عندما تستأثر جماعة او تيار او حزب على مفاصل السلطة في اي بلد وتقوم بإلغاء الاخر وإقصاء بقية الأطراف وتنفرد تلك الجماعة باتخاذ قرارات مصيرية بمفردها فعندئذ تعد هذه الجماعة مليشيا وتفتقر لأتفه قواعد إدارة البلدان ..

باعتقادي – ايضا – أن الذباب الإلكتروني او جيوش منصات التواصل الاجتماعي والتي هي عبارة عن مجاميع مليشاوية تؤدي أدوار خارج قناعاتها ولا تخدم إلى طرف واحد او الطرف الذي تنتمي إليه أو الطرف
المانح لميزانيتها تعد مليشيا إعلامية متخصصة في المجال الإلكتروني ناهيك عن إعلام القنوات الفضائية والصحافة فإنها تخطو بلا حياء وامام مرأى ومسمع من الجميع كعصابات منمقة تخدم الممول وتدير سياستها حسب دعمه ومقداره ..

المليشيات الطبية هي الأخطر على الإطلاق ذلك أن تتحول المنشأت الطبية الى مراكز جباية والأطباء إلى تجار يروجون للشركات الدوائية على حساب المريض وقوت أطفاله ويتاجرون بالخدمات الطبية ويتحول المريض إلى سلعة مجردة من الرحمة والإنسانية وما يثير الدهشة والاستغراب ان تتفرع المليشيات الطبية وتخوض في احايين كثيرة منافسة غير شريفة وكل جهة تتحرك باتجاه مضاد للاخرى لكن في الأخير يبقى
عامل سلخ المواطن وامتصاص ما لديه عامل مشترك وصفة جامعة وأسلوب مليشاوي للارتزاق والتملشن خارج إطار الضمير والأخلاق والقيم الإنسانية والوطنية ..

احتكار الوظيفة العامة واستغلال النفوذ الوظيفي عن طريق إلحاق الأقارب والأصدقاء في المؤسسات الحكومية في الداخل والخارج ملشنة وظيفية صارخة .

وهناك مليشيات هي الأوفر حظا والأكثر ضررا والاوسع انتشارا . إنها المليشيا الاممية من تفتك بالنسيج الوطني وتذكي الصراعات داخل البلدان وتمول أطراف النزاع وتتلقى مقابل ذلك الكثير من الاموال المهولة و بالعملة الصعبة وتُصرف على هيئة سمسرة عابرة للقارات أو على شكل هيئات وبعثات أممية ومنها كذلك يتفرع مليشيا حقوق الإنسان الدولية والمليشيات الإنسانية العالمية المسماة مجازا منظمات إنسانية وكذلك تلك التي تعني بالطفل وهو المستهدف الذي لا يحصل حتى على النزر اليسير من تلك المؤسسات الاممية فيما الفائدة تجنيها شبكة من المليشيات الدولية والمحلية التي لا تحمل أي إنسانية ، حتى الارعن ” ترامب ” وفريقه يتحركون كمليشيا تفخخ العالم وتصنع بؤر التوتر فيه وتعمل عل تلغيم الاوطان التي يخيم في الاستقرار والسلام .

تنمو المليشيات وتتطور وتحصل وبكل سهولة على صبغات وطنية وأخلاقية أثناء الحروب والصراعات المناطقية والجهوية والمذهبية وتنشط بقوة بحضور العامل الخارجي والتداخل الدولي .

لا سقف ولا افق للمليشيات بعد ان تجاوز الوضع حده واضحى الجميع يدور في فلك المصالح الفردية والانتهازية باتت سمة عامة فأصبح هناك مليشيات نسائية عبر منظمات ومؤسسات مشبوهة لا تحمل من الاسم سوى استغلاله وكذلك مليشيات تربوية و ثقافية و سياسية ولكل منها مساراته وتحركاته البعيدة عن المسؤولية والحس الوطني والأخلاقي.

اليوم يعمل الجميع وفي كل الاتجاهات كمليشيا تفتقر للمشروع الوطني الكبير والشامل وكل ولاء أغلب تلك التجمعات والتيارات لأحزاب أو أشخاص أو مرجعيات عليا .

تبدو الملشنة ظاهرة عربية تكاثرت بشدة في الآونة الأخيرة في عموم الوطن العربي والسبب في ذلك يعود لترهل الأنظمة وتفكك انسجتها العسكرية والأمنية وانهيار حاجز أجهزتها السرية الاستخباراتية والتي وكما يبدو واضحا وجليا انها وخلال حكمها غيبت المشروع الوطني من الذهنية العامة من خلال تكريسها للمفاهيم المادية والولاء المصلحي و تضعيف مستويات التعليم و
دعم التيارات المتطرفة وإحلال ثقافة القوة بديلا عن ثقافة المسؤولية الوطنية والأخلاقية .

#نشوان_النظاري

زر الذهاب إلى الأعلى