الحياةحائط

وداعاً عصر التلفزيون.. نهاية حتمية

 

أ. خليل القاهري

 

هل آن الأوان للقول وداعاً زمن التلفزيون وهل هي نهاية حتمية؟ هذا ما يجيب عليه الإعلامي التلفزيوني خليل القاهري

يحدثني مذيع شهير في إحدى الفضائيات العربية ذائعة الصيت أنه لم يعد يلمس رواجا ولا صدى لما يقدمه على شاشة قناته الشهيرة من نشرات وبرامج حتى لدى محيطه الأسري.

شخصيا قبل أكثر من عشر سنوات وصل معي الأمر إلى أن محيطي الأسري والأهل لم يعودوا يتابعون البرامج أو نشرات الأخبار التي كنت أقدمها، وكانت وسائل التواصل لاتزال حينها اقل انتشارا من الآن، لكن الناس كانوا قد ارتبطوا بها وبعدد محدود من الفضائيات.

المسألة طبيعية، فهذا لم يعد عصر التلفزيون ولا بيئة المشاهدة التقليدية.

التلفزيون اليوم بات للأسف تابعا مطيعاً لوسائل التواصل ولم يعد يندرج ضمن الإعلام الجديد.

في عهد أجيال قبلنا ومن ثم نحن برزت أسماء لامعة من الكُتاب والصحفيين في عهد الصحافة المقروءة التي راجت ومثلت نبوغا كبيرا وأسست للإذاعة.

وكانت بعض هذه الأسماء حديث الأجيال سواء عربيا وعالميا او محليا.

بعد ذلك برز “الراديو “وتصدر، وراج، واشتهرت رموزه وأعلامه ومذيعوه، وأسس للتلفزيون المحلي ثم الفضائيات التي سادت وسيطرت وبلغت ذروة الانتشار.

لم يكن خليقا بالتلفزيون أن يصبح تابعا ومستجديا لوسائل التواصل، ولكنه غدا كذلك.

يمكن القول إن وسائل التواصل تعد امتدادا طبيعيا لمرحلة التلفزيون وعصر الصورة، لكنه عصر خرج عن السيطرة وألغى القواعد وقضى على محددات ومعايير المهنية، وأصبح كل شخص في العالم يمثل “إن تمكن وأراد” قناةً ووسيلة وقائماً بالاتصال ويتفوق على القنوات وكبرى الفضائيات.

تجد الآن كبار المذيعين ينتهون من تقديم برامجهم ونشراتهم “لينزحوا” خلف هواتفهم وحواسيبهم لاختلاس ترويج لهم عبر وسائل التواصل.

أن تجد شخصا “صانع محتوى” ينافس كبريات القنوات والإذاعات بل ويفوقها متابعة وجمهورا، فاعلم أن عصر التلفزيون انتهى.

وفي حال وجدت الآلاف يحتفون ب”يوتيوبر” ما، ويشيرون اليه بالبنان، فعليك الانتباه والاقرار بأن عهد الصحافة والإذاعة والتلفزيون انتهى.

إذا وجدت مذيعا يستغرق ساعة وساعات ليشرح للبقال أو الخبّاز، أو الجزار أو سائق الأجرة عن برامجه ويعرفه بنفسه دون جدوى فاعلم أن عصر التلفزيون ولىّ ومضى، .

المشكلة ورغم كل هذا لايزال بعض المذيعين يظنون-وبعض الظن إثم-أنهم حديث الناس وشغلهم، وهذا مجرد حلم في يقظة تامة، فالناس اليوم صغارا، وكبارا، رجالا ونساء، قلوبهم وعقولهم معلقة بهواتفهم المحمولة، بغض النظر عن المحتويات “الهشة”وربما “الخطيرة والسلبية “التي تقدم بدون رقيب.

هذه نهاية طبيعية، وهذا تداول حتمي ربما لم يكن في الحسبان، لكن هل ستكون لها بداية أخرى؟.

شخصيا..لا أظن.

زر الذهاب إلى الأعلى