الحياةحائط

60 عاما من العيش بدون قانون إسكان

سعيد المعمري

 

مرت فترة ليست بالقصيرة ، منذ قيام الثورة السبتمبرية ، المجيدة ، أي ما يقرب من ٦٠ عاماً وحتى اللحظة الراهنة ، ونحن لازلنا نفتقر للعديد من القوانين الهامة والتي كان يستوجب ، على مَن يتولون أمور هذا البلد ، أن تكون من أولويات مهامهم.

وهذه القوانين مهمة على وجه الخصوص سيما أنها ترتبط بصورة مباشرة ، بواقع وحياة الناس، بإعتبارها من المسلمات الأساسية، والتي كان ينبغي التعاطي معها من الوهلة الأولى.

ولكن للأسف ظلت الأمور تسير ، على ذاك النحو المغاير لواقع شريحة كبيرة من المواطنيين بقدر ما كان يستحسن أن تكون موجودة، ومن تلك القوانين المرتبطة بحياة الناس ، بشكل دائم ومستمر ، لكونها تندرج في إطار الحياة العامة للبشر ، إينما كانوا هنا أو هناك .

لكن كما قلت ، نحن للأسف ظلت الأوضاع في هذا الوطن ، تسير بطريقة هوشلية ، حتى وإن كانت هنالك توجهات ، في إيلاء تلك القوانين أهمية كبيرة ، من البداية الأولى للثورة ، ومنها على سبيل ذلك ، قانون الإسكان ، قانون الزواج ، قانون البحار وغيره .

عمدت السلطات القائمة ، في تلك الفترة على بقاء قوانين كهذه في طي النسيان ، حتى لا يتمكن أحد ، من المسؤولين، أن يوليها أي أهتمام يذكر ، لأن معظمهم هم أصحاب عقارات ، وأراضي ، وناطحات سحاب ، فكيف يمكن أن يشرعوا ، مثل هذه القوانين ، خاصة منها قانون الإسكان، الذي هو يتعارض مع مصالحهم تماماً ، لذلك نجد بأن المواطن المسكين ، والذي لا يملك بيتاً ، ولا منزلاً ، أصبح هو الضحية في الوقت الحاضر،
لماذا ..؟

لإنه لا يوجد هنالك قانوناً يحميه من أولئك المؤجرين ، أصحاب البيوت، والذين تطاولوا على المستأجرين ، وبشكل جائر ومجحف في حين لا توجد هناك جهات مختصة تكون هي المسؤولة، عن ضبط أولئك المؤجرين، وبالتالي تظل أمور كهذه، تسير بطريقة غير معروفة، وكذا مغايرة لأوضاع الناس الغلابى، والذين لا حول لهم ولا قوة، إلا أن يثروا مثل هذه القضايا ، لدى الجهات المعنية لعل وعسى أن تكون هنالك صحوة ضمير، من أولئك المسؤولين ، كي يعملوا على تنفيذ تلك القوانين المرمية والمهملة، في الأدراج وما أكثرها ، ومنها قانون الإسكان، الذي أضحى مغيباً ، وليس له ذكر ، في هذا البلد .

كان هذا القانون ، أي قانون الإسكان ، مفعلاً وموجوداً ، في فترة جمهورية اليمن الديمقراطية، قبل قيام الوحدة ، ناهيك عن القوانين الأخرى ، ولكن للأسف ، قوانين كهذه لم يتم التعامل معها بعد قيام دولة الوحدة المباركة، لشيء في نفس يعقوب .

وبإعتقادي ، بأن أمراً كهذا ، كانت له سلبيات عديدة ، على حياة الناس ، وكذا أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ، والثقافية ، فيما ندرك بأن مجلس النواب كان ينبغي عليه من الوهلة الأولى ، لممارسة عمله حينذاك أن يقف أمام جملة من القوانين، التي تهم الوطن والمواطن في آن معاً .

لكن بكل أسف ، ظل بمنأى عن هكذا قوانين ، ومن ذلك قانون الإسكان ، الذي يهم الجميع وبالتالي ستظل الأوضاع على ذاك الحال السيء ، لإن من يتولى أمور الآخرين ، هم أولئك الأشخاص الذين يتحكمون في شؤون هذا البلد.
وفي الاخير أقول بأن قوانيناً كهذه ستبقى كما هي ، دون حراك ، أو تنفيذ لها ما دام الحاكم والناهي في هذا الأمر، هم أولئك العتاولة، من مالكي العقارات ، وأصحاب البيوت ، ومسؤولو الدولة ، ومصاصو دماء هذا الشعب ، وبالرغم من أن لنا ستة عقود من قيام الثورة السبتمبرية، ومع هذا لا زلنا محلك سر، من حيث غياب التعاطي ، مع قانون للإسكان حتى الآن ، وغيره ، في الجمهورية اليمنية .

وقد انعكس هذا الأمر على مدينة تعز بالأخص التي تعاني هذا الوضع السيء أكثر من غيرها نتيجة لعدم وجود ضوابط صارمة ، وملزمة ورادعة ، ضد مالكي البيوت ، المؤجرين ، والذين أصبحوا يتهجمون ويتطاولون على المستأجرين ، ليل نهار .

وبالتالي أرى أن أمراً كهذا ، ينبغي على المعنيين بمحافظة تعز ، القيام بدورهم تجاه المستأجر ، وحمايته ، من المؤجرين ، حتى لا يصبح المستأجر بين ليلة وضحاها في الشارع ، أي خارج بيته .

زر الذهاب إلى الأعلى