انقلاب عسكري على أردوغان .. وإصدار البيان رقم1 .. وهذا ما يحدث الآن
أصدر 104 أميرالات متقاعدين من القوات البحرية التابعة للجيش التركي بياناً ندد بسياسات الحكومة تجاه الجيش ووجه سلسلة تحذيرات كان أبرزها ما يتعلق باتفاقية مونترو والقانون الدولي، في خطوة غير مسبوقة أثارت ردود فعل واسعة من الحكومة والجيش وحزب العدالة والتنمية الحاكم بعدما اعتبر بأنه بيان يحمل “بصمات الانقلابيين”، في حين فتحت النيابة العامة التركية تحقيقاً موسعاً في القضية.
وفي ساعة متأخرة من مساء السبت، نشر أحد المواقع الإلكترونية التركية بياناً يحمل توقيع 104 أميرالات متقاعدين من القوات البحرية التركية دعوا فيه إلى تجنب جميع أنواع الخطابات والأعمال التي قد تجعل اتفاقية “مونترو” (الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية) موضوعًا للنقاش، مشيرين إلى أن “بعض الصور غير المقبولة في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي شكلت مصدر قلق”، في إشارة على ما يبدو إلى النقاش المتجدد في تركيا حول إنشاء قناة إسطنبول الموازية لمضيق البوسفور وإمكانية الانسحاب من اتفاقية مونترو.
وأدان البيان ما اعتبره “الجهود الرامية إلى إظهار الجيش التركي وقوات البحرية بعيدين عن المسار المعاصر الذي رسمه أتاتورك (مؤسس الجمهورية التركية)”، وجاء فيه “وإلا فإن الجمهورية التركية يمكن أن تواجه مخاطر وتهديد التعرض لأحداث يشوبها الاكتئاب وهي الأخطر بالنسبة إلى وجودها، وهناك أمثلة عليها في التاريخ”، وهو ما اعتبر بمثابة تلويح بإمكانية تحرك الجيش ضد الحكومة عبر انقلاب عسكري.
وقبل أيام، أقرت الحكومة التركية، خطط شق “قناة إسطنبول” وهو مشروع ضخم لشق قناة مائية تربط بحر مرمرة بالبحر الأسود على موازاة مضيق البوسفور الذي يعتبر أيضاً أحد أهم ممرات التجارة البحرية العالمية، حيث يصر أردوغان على المشروع رغم المعارضة الداخلية لأسباب تتعلق بتعزيز مكانة تركيا وحماية مضيق البوسفور من المخاطر البيئية وتعزيز دور تركيا في طرق التجارة العالمية وغيرها من الأسباب. وقبل أيام أثير نقاش واسع في تركيا حول إمكانية لجوء أردوغان إلى الانسحاب من اتفاقية مونترو.
لكن معارضي المشروع يعتبرون أنه وبمعزل عن تأثيره البيئي، يمكن أن يقوّض اتفاقية “مونترو” التي تضمن حرية عبور السفن المدنية مضيقي البوسفور والدردنيل في السلم والحرب، كما تنظّم عبور السفن البحرية التابعة لدول غير مطلة على البحر الأسود. ومن شأن القناة الجديدة أن تتيح عبور السفن بين البحر المتوسط والبحر الأسود من دون المرور بمضائق خاضعة لبنود الاتفاقية.
وعلى مدى الساعات الماضية، تحول البيان المثير للجدل إلى الملف الأول على أجندة وسائل الإعلام التركية المختلفة، وبينما فتحت النيابة العامة بأنقرة تحقيقًا حول البيان والضباط الموقعين عليه، الأحد، انهالت ردود فعل شعبية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب عشرات ردود الفعل الرسمية التي أدانت البيان بقوة ووضعته في خانة المحاولات الانقلابية”، وحذرت من وجود مخططات في هذا الإطار.
وزارة الدفاع التركية كانت من أبرز المعقبين على البيان حيث سارعت إلى التأكيد على رفضها لمحتوى البيان والموقعين عليه، وجاء في بيان الوزارة: “لا يمكن استخدام الجيش كوسيلة لتحقيق الغايات الشخصية لأولئك الذين ليس لديهم أي مهمة أو مسؤولية”، معتبرة أن “نشر مثل هذا البيان لن يؤدي إلا إلى إلحاق الضرر بديمقراطيتنا والتأثير سلبا على معنويات ودوافع أفراد القوات المسلحة التركية وإسعاد أعدائنا”. وعبرت عن ثقتها التامة في أن القضاء التركي سيقوم باللازم في هذا الصدد مؤكدة بطريقة غير مباشرة وقوف القوات المسلحة التركية إلى جانب الرئيس رجب طيب أردوغان.
وفيما يتعلق باتفاقية مونترو، جاء في بيان وزارة الدفاع التركية: “القوات المسلحة تتمتع بالخبرة والإدراك إزاء مكاسب وخسائر الاتفاقيات الدولية، ولا يمكن استخدامها كأداة لتحقيق الغايات والأطماع والآمال الشخصية لمن ليس لديهم أي مهمة أو مسؤولية”، مضيفةً: “يعمل الجيش التركي بنجاح على حماية سيادتنا واستقلالنا ووجودنا وكذلك حقوقنا وعلاقاتنا ومصالحنا بكل دقة وعناية مظهرًا بطولة وتضحية”.
فخر الدين ألطون رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية، كتب: “ليس فقط من وقّعوا بل أيضا من شجّعوهم على ذلك سيمثلون أمام القضاء”، في إشارة إلى فتح النيابة العامة تحقيقا بهذا الشأن، في حين اعتبر إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة التركية أن البيان “يذكر بزمن الانقلابات العسكرية”، وقال: “عليهم أن يدركوا أن أمتنا الموقرة وممثليها لن يقبلوا على الإطلاق بهذه العقلية”.
في السياق ذاته، كتب فؤاد أقطاي نائب الرئيس التركي: “لقنوا درسا لن ينسوه ليل الخامس عشر من تموز/يوليو.. واليوم سيصدر أوضح رد على كل المنصات”، من جهته وصف نعمان قرطومولوش، نائب أردوغان لشؤون حزب العدالة والتنمية الحاكم، الموقعين على البيان بأنهم “عشاق تركيا القديمة الذين يرون أنفسهم فوق إرادة الأمة”، وأعلن حزب العدالة والتنمية أن قيادته العليا سوف تجتمع برئاسة أردوغان، يوم الإثنين، لبحث تداعيات البيان.
وبينما شددت ميرال أقشنار زعيمة حزب الجيش المعارض على رفض حزبها لغة التهديد والانقلابات العسكرية، هاجم دولت بهتشيلي زعيم حزب الحركة القومية حليف أردوغان بالحكم الموقعين على البيان وطالب بنزع رتبهم وقطع رواتبهم التقاعدية وحرمانهم من كافة المميزات.
*القدس العربي