شاهد لحظة محاولة الرئيس العراقي صدام حسين اغتيال جورج بوش (فيديو)
ستقبال حافل حظي به الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب عندما زار الكويت بعد انتهاء ولايته الرئاسية، وذلك تكريما لجهوده في قيادة تحالف دولي أنهى 7 أشهر من الغزو العراقي للكويت.
وبالتزامن مع زيارة بوش من 14 إلى 16 أبريل/نيسان 1993 شنت السلطات الكويتية حملة اعتقالات طالت 16 شخصا -معظمهم عراقيون- بتهمة تدبير محاولة اغتيال له بسيارة مفخخة، واتهمت الولايات المتحدة بدورها حينذاك المخابرات العراقية بالوقوف وراء المحاولة، وردّت بقصف العراق.
خطط الاغتيال
خطة محاولة اغتيال بوش الأب خلال زيارته للكويت أعدها الرئيس السابق صدام حسين مع جهاز مخابراته لتنفيذ هذه العملية، بحسب الخبير الأمني والإستراتيجي فاضل أبو رغيف.
ويضيف أبو رغيف للجزيرة نت أن هذه العملية ليست المحاولة الأولى التي حاول جهاز المخابرات السابق تنفيذها ضد زعماء، بل سبق له أن نفذ عمليات أخرى، مثل محاولة اغتيال الزعيم الإيراني الخميني واغتيال السيد مهدي الحكيم في السودان، وكذلك محاولات لاغتيال سياسيين آخرين في دول عدة.
ويرى أن محاولة اغتيال بوش هي الأخرى لم تأت بشكل متقن، حيث أخفقت المخابرات العراقية حينها في تنفيذها، بسبب الحماية القوية التي كان يحظى بها بوش، من ضمنها طوافات مروحية كانت تحلق فوق سماء الكويت إبان نزول طائرته في مطار الكويت.
ويشير الخبير الأمني والإستراتيجي إلى أن محاولة الاغتيال كانت تحمل 3 خطط، لكن تم إفشالها جميعا بعد اعتقال الخلية، وخلال التعمق في التحقيق اعترف أفراد الخلية بالتسلل عبر الحدود إلى الكويت لتنفيذ عملية الاغتيال.
بدوره، يكشف الباحث في التاريخ الحديث الدكتور فارس تركي عن بعض التسريبات حول وجود مخطط أشرفت عليه المخابرات العراقية يهدف إلى اغتيال الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب بواسطة سيارة مفخخة أثناء زيارته للكويت.
وبين تركي للجزيرة نت أن الفريق المكلف بالتنفيذ كان يتكون من 8 أفراد دخلوا الكويت خصيصا لتنفيذ المهمة، وكان من المخطط أن يقوم أحدهم باقتحام موكب الرئيس الأميركي أثناء حفل الاستقبال بسيارة جيب مفخخة.
وأشار إلى أن هذا المخطط تم إجهاضه من قبل الأجهزة الأمنية الكويتية التي تمكنت من اكتشاف مكان السيارة المفخخة والمحملة بكميات كبيرة من المتفجرات، كما تمكنت من إلقاء القبض على 16 شخصا من المشتبه بهم -معظمهم عراقيون- وقد صدرت بحقهم أحكام تراوحت بين الإعدام والسجن.
محاولة جنونية ووصف المؤرخ والخبير القانوني طارق حرب محاولة الاغتيال تلك بالجنونية، وأنها تنم عن نظرة شرقية دكتاتورية تتصور أن أميركا كدولة وكيان وشعب ونظام حكم مثل النظام في العراق أو دول العالم الثالث ينتهي موضوعها عند القضاء على رئيس الدولة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعرب حرب عن اعتقاده بأن العملية لم تكن بهذا الشكل ولكن الكويتيين آنذاك قاموا بتضخيم الأمر.
واستبعد أن تكون محاولة الاغتيال فردية، ولا يمكن أن يقدم شخص على مثل هذه المحاولة أو غيرها إن لم تكن له علاقة بالمخابرات ولم يكن موجها من الحكومة العراقية في وقتها.
ويرى الخبير القانوني أن المسألة أخذت أبعادا كثيرة، وبما أن محاولة الاغتيال كانت في الكويت فالموضوع ضمن اختصاص المحاكم الكويتية، واستغلت هذه القضية للانتقام آنذاك رغم أن كثيرا من العراقيين يعتقدون أن هذه القصة مفبركة وغير حقيقية، بحسب حرب.
قصف العراق وبعد فشل محاولة استهداف بوش أعلنت الولايات المتحدة تورط المخابرات العراقية بتدبيرها، وقرر الرئيس الأميركي بيل كلينتون الرد العسكري على بغداد كما يفيد الباحث في تاريخ العراق السياسي المعاصر فايز الخفاجي.
ويضيف الخفاجي للجزيرة نت أنه في 27 يونيو/حزيران 1993 أطلقت الطائرات الأميركية أكثر من 23 صاروخ كروز على مقر المخابرات العراقية في بغداد وأهداف أخرى، وذلك ضمن عملية هدفها الردع والانتقام ردا على محاول اغتيال بوش الأب.
وأسفر القصف الأميركي -بحسب الخفاجي- عن سقوط أكثر من 60 قتيلا، بينهم أطفال ونساء، وكان من ضمن القتلى الفنانة التشكيلية العراقية ليلى العطار التي قصف منزلها الواقع في منطقة المنصور كونه مجاورا لأحد مقرات المخابرات العراقية، وليس كما يشاع بأن قصف بيتها كان بسبب قيامها برسم صورة بوش الأب على الأرض.
من جانبه، يقول حرب إن القصف الأميركي جاء ردا على إجراءات عديدة اتخذها النظام العراقي آنذاك مثل اعتماد الدينار وعملات أخرى بدلا من الدولار، أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع عدد من الدول، وكذلك وضع سجادة في أرضية مدخل فندق الرشيد تحمل صورة بوش الأب ليدوس عليها كل من يدخل أو يخرج، وكان هو الفندق الوحيد لاستقبال ضيوف العراق آنذاك.
مسرحية
ويرجح الخفاجي أن الحديث عن محاولة اغتيال بوش الأب ما هو إلا مسرحية هزيلة لم يكن لها أي وجود بدليل عدم العثور أي وثائق تثبت ذلك بعد عام 2003، وكذلك لم يهتم الأميركيون بالموضوع كما ينبغي.
ويلفت إلى أن إمكانيات المخابرات العراقية كانت محدودة بسبب الحصار الاقتصادي وغيره، وقد تستطيع تنفيذ محاولة اغتيال في لبنان أو الأردن أو اليمن، لكن تحركها في الخليج محدود، فضلا عن الإجراءات الأمنية المرافقة لبوش.
ولا يستبعد الخفاجي أن يكون اتهام المخابرات العراقية هدفه تحشيد الرأي العام الدولي ضد العراق، خصوصا أن الديمقراطيين كانوا يحرصون على توجيه ضربات جوية سريعة للعراق، وهو ما تكرر في عدة سنوات.
عفو أميري
وفي عام 2011 أفرجت السلطات الكويتية عن 9 معتقلين عراقيين كانوا متهمين بالمشاركة في محاولة اغتيال بوش بعد أكثر من 18 عاما قضوها في الحبس، بحسب تركي.
وينقل عن مصادر كويتية أن السلطات قررت ترحيل هؤلاء المفرج عنهم إلى العراق بعد زيارة مسؤولين عراقيين إلى الكويت.
ويتابع أنه في عام 2012 وبمناسبة اليوم الوطني للكويت أصدر أمير الكويت الراحل صباح الأحمد الجابر الصباح عفوا عن 9 معتقلين عراقيين بتهم مختلفة، بينهم المدعو رعد الأسدي المتهم الرئيسي بمحاولة اغتيال بوش الأب.