فضل الإكثار من تلاوة القرآن في #رمضان
أوضح الداعية الإسلامي عبد الرحمن السدر في سطور إيمانية فضل الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان المبارك
وقال السدر: “الحمد لله الذي هدانا للإيمان، وأكرمنا بالسنة والقرآن، وفضل أوقات رمضان، وأنزل فيه الهدى والفرقان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تنجي من النيران، وتورث من عمل بها الجنان، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الذي كان يخص رمضان بما لم يخص به غيره من الصدقة والذكر والعبادات وقراءة آي الذكر والتبيان، صلى الله عليه وعلى آله ومن تبعه بإحسان، ثم أما بعد إخوة الإيمان:
فالقرآن كلام العزيز المنان, صاحب الرحمة والغفران, حروفه ومعانيه تكلم بها ربنا سبحانه وتعالى، وأنزله على رسولنا صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام، فهو كلام الله المبين، وحبله المتين, وصراطه القويم, من اعتصم به نجا ومن أعرض عنه هلك وغوى، قال تعالى: ﴿ومن أعرض عن ذكري فإن لـه معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾، طه (124)، وقال جل جلاله آمراً عباده بالتدبر فقال عز من قائل: ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب﴾، ص (29)، فهو مبارك في ثوابه، جعله الله شفاءً للصدور من أمراض الشبهات والشهوات، وشفاءُ للأبدان من الأسقام والعلل والملمات، فلن يقرأ المسلم حرفاً إلا كتب به له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، تحدى الله به الخلائق إنسهم وجنهم برهم وفاجرهم أن يأتوا بمثله ولو بسورة واحدة فأعجزهم قال تعالى : ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾، الإسراء (88)، وقال تعالى: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾، البقرة (23).
جعله الله شفاء ورحمة فقال الحق تبارك وتعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾، الإسراء (82)، وجعله هدى ونور فقال عز وجل : ﴿ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، المائدة (16).
للقرآن في رمضان مزيه عن غيره، أن الله أنزله فيه، كما قال الله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، البقرة (185).
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ)، أخرجه البخاري، برقم الحديث 3220، صفحة رقم (619)، فيدل الحديث على فضل تلاوة القرآن في رمضان ليلاً للانقطاع عن الشواغل، وصفاء الذهن، وتواطئ القلب واللسان على التدبر.
ومن تأمل سير السلف الصالح وجد أنهم يحرصون على الإكثار من تلاوة القرآن في رمضان، فكان بعضهم يختم القرآن في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة، وكان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان، وقد روي عن الشافعي وأبي حنيفة أكثر من ذلك، وهذا ليس بمستغرب على سلف الأمة، فقد كانوا يتلذذون بالطاعة كما نتلذذ بالطعام والشراب وشهوات الدنيا.
فحري بنا الإكثار من تلاوة القرآن في هذا الشهر المبارك، بتدبر، وحضور قلب، حتى ننتفع بتلاوتنا.
نسأل الله أن يوفقنا لاغتنام أوقات الطاعات، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.