حائط

ثقوب سوداء

 

نشوان النظاري

تتحول مؤسسات الدولة السيادية و الأمنية والمحورية إلى أسواق رخيصة يمارس خلالها ضعفاء النفوس مهارات عالية في انتعال سيادة النظام وكسر إرادته وإحراق سمعته مقابل حفنة من الريالات وامتيازات ليست بمستوى الإسفاف واهراق ماء وجه الكرامة وبيع الشرف الوظيفي والأمانة السماوية ..

حادثة السجن المركزي في مدينة إب فضيحة لا حدود لها واستهتار صارخ بسمعة بلد وقوانين نافذة وخيانة أمانة وطنية عالية الحساسية ، فاسوار السجن العالية والاسلاك الشائكة وحتى طبقات الحماية حول النوافذ والحراسة الأمنية المشددة كل هذا يجعل دخول الهواء الى ردهات السجن أمر في غاية الصعوبة لكن – ويا للاسف – بإمكان حساب بنكي إخراج سجناء وبمنتهى السهولة وبالطبع لن يحمل القضية سوى أضعف جندي داخل المصلحة فيما تنهمر الترقيات على الرؤوس المدبرة ويزدادون ثراءً ونفوذاً وتسلط ..

القضية تبدو كبيرة جدا وهناك شبكة متورطة تضم كل المستويات الوظيفية والرتب العسكرية وقد اتضح يوم أمس الاول ان كاميرات المراقبة في السجن تم تعطيلها وايقافها أثناء عملية التهريب مما يؤكد فرضية تورط اسماء كبيرة في عمليات التهريب تلك والتي تكررت كثيرا في الاونة الاخيرة والسكوت أو التغاضي حيال ما حصل خيانة وطنية وانسحاق أخلاقي وإنسلاخ قيمي وتجرد إنساني حاد ومهين .

هناك ايادٍ خفية تريد جر المحافظة لمربعات العنف والثارات المفتوحة والانتقامات والتصفيات القبلية البدائية وستتخلق مع مرور الوقت تصرفات فردية عنيفة ويبدأ المجتمع رويدا رويدا في إحلال نفسه بديلا عن الدولة ويشرع في تنفيذ أحكامه دون الرجوع إلى السلطات الافتراضية وكيف لذلك ان يحدث وهو يدرك أن خصمه سيتمكن من الافلات من الاحكام القضائية في حالة امتلك ارصدة بنكية محترمة ..

التحقيقات والإجراءات القانونية باهتة ولا ترقى لمستوى الجريمة الشنعاء ولا أدري لم قيادة السلطة المحلية وإدارة امن المحافظة تتعامل مع هذه الملف وهذه القضية بمنتهى البرود والتساهل ولا تعلم أن ما حدث له ارتدادات وآثار وخيمة ستلوح أولى نتائجه خلال أيام قليلة ذلك أن الخارجين عن القانون سينتشون في حالة وصلتهم أخبار صفقات التهريب المنظمة والمرتبة والدقيقة وسيرتفع سقف اجرامهم في حالة أدركوا أن اسطوات التهريب عبروا و لم تطالهم يد المساءلة القانونية والعقاب الرادع .

ان تهريب سجناء في قضايا جنائية جسيمة من داخل إصلاحية السجن المركزي يؤكد ان الجهاز الامني مخترق وهش لا سيما في ضل تكرر العملية وكذلك يبعث برسائل مخيفة وباعثة للرعب أقلها مؤشرات ضعف الدولة وتلاشي هيبتها وتفلت الامور من يدها وهذا بالطبع سيؤدي الى انتشار الفوضى وتفشي ظاهرة السطو المسلح والاعتداءات على دوائر أمنية وعودة ظاهرة العصابات المارقة والحضور القبلي المسلح وكذلك عودة عصر ما قبل الدولة ..

ينبغي أن يتحول الجميع للمحاكمة العلنية العاجلة وان يطبق اقصى العقاب في حق كل من تورط وساهم وصمت وقصر في أداء عمله وكل من له علاقة وأمام المجتمع حتى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاستخفاف بمؤسسات الدولة السيادية وقلاعها الأمنية الحصينة .

#نشوان_النظاري

زر الذهاب إلى الأعلى