حائط

الزواج وفقدان الشغف

صلاح الواسعي

هناك رأي للبرت أينشتاين يقول: “إن الشخص الذي لم يقدم مساهمته العظيمة في العلوم قبل سن الثلاثين لن يفعل ذلك أبدًا”. بمعنى ان الزواج يعد قاتل صامت للشغف والإبداع.

بذات الصدد توصلت دراسات نيوزيلاندية إلى خلاصات: “أن العلماء يتوقفون بسرعة، إلى حد ما، عن حياتهم المهنية بعد زواجهم”، ما يعني أن الزواج يبدو بنظر تلك الدراسات أحد كوابح الإبداع في المجال العلمي.

وتؤكد الدراسات أن الزواج يعمل على كبح الإبداع وفقا لآلية هارمونية ونفسية. وفقاً لدراسة طبية هناك “آلية نفسية واحدة” مسؤولة عن موت الإبداع بعد الزواج: الميزة التنافسية بين الشباب للقتال من أجل المجد وجذب انتباه النساء. هذا الشغف يقوده هرمون الذكورة المهم للغاية: “التستوستيرون”.

تخلص تلك الدراسة الي حقيقة: “بعد أن يستقر الرجل، ينخفض ​​مستوى هرمون التستوستيرون، كما ينخفض ​​إنتاجه الإبداعي”.

في اليمن تجد الشباب، الذين كانت لهم اهتمامات فكرية وإبداعية في مرحلة ما قبل الزواج، قد اختفوا من عوالمهم الإبداعية تلك، خاصة في مجال الكتابة والشعر.

وجدتُ صديقاً ذات يوم، وكان في السابق يكتب نصوصاً مبدعة وأنقطع عنها فجأة، قلت له: أين ألق أيام الجامعة يا عزيزي؟! فأجابني بالقول: “الألق تحول من فكرة البحث عن الأدب، الى فكرة البحث عن المال.. فقدنا الأول ووجدنا الثاني”.

من المرجح أن الشباب، الذين يتبنون فرضية “الزواج قاتل للإبداع” ويحجمون عنه، غالبيتهم يعانون أوضاع مادية بالغة الصعوبة تربك حياتهم الداخلية.. ما يعني أن الزواج قد يصرف كل اهتماماتهم صوب توفير المتطلبات الأساسية في الحياة على حساب الاهتمامات الإبداعية الشخصية. وهناك شهادات كثيرة في هذا الصدد.

يقول “أوشو” في كتابه “الإبداع” إن الانسان الذي لا يمتلك مال لا يجد الوقت ليقرأ “آنا كارنينا” لتوليستوي، أو رواية “الإخوة كارامازوف” لدوستويفسكي. دليل أن العامل المادي حاسم في مسألة الإبداع ومواصلة الاعتناء بالموهبة من قبل الإنسان.

قد يقول رأي: إن تلك الأفكار التي يقولها الشباب بشأن الزواج ما هي الا تبرير عن عجزهم في تكوين حياة مستقرة، تُمَكِّن الفرد من الاحتفاظ بحالته النفسية ومزاجه الإبداعي، أو أنهم واقعين تحت تأثير نظريات “نيتشه” و”شوبنهاور” و”أوشو”، أو أن تلك الحالات الإبداعية ليست حقيقة، وإنما طارئة تسقط في أول مطب وهو الزواج. على أن هذا القول له وجاهته؛ لكن باعتقادي أن العامل النفسي والهارموني، وقبلهما المادي، عوامل لا يمكن تجاوزها.

مع ذلك؛ أذكر أن هناك من الشباب من استطاعوا أن يكسبوا مالا من الأشياء التي يجدون فيها شغفهم في الحياة. بمعنى أنهم استطاعوا الحصول على وظائفهم المثالية التي يطمحون لها. فأفضل الأعمال هي تلك التي نقوم بها بدافع الشغف..

لكن هناك فرق بين الابداع، وبين الشغف للعمل الوظيفي. فهناك دراسات توكد أن العمل والإنتاجية تزداد عند الموظفين الذين يتمتعون بعلاقات زوجية سعيدة؛ غير أن العمل الوظيفي لا يقع ضمن دائرة الإبداع.

 

زر الذهاب إلى الأعلى