حائط

بين يدي مؤتمر المانحين لليمن 2020

 

عادل الأحمدي

ينعقد الثلاثاء المقبل، مؤتمر المانحين لليمن 2020، برئاسة المملكة العربية السعودية وبمشاركة الأمم المتحدة وأكثر من مئة دولة ومنظمة. ووفقاً لوكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والطوارئ مارك لوكوك، فإن اليمن بحاجة إلى 2.4 مليار دولار، فضلاً عن 180 مليون دولار إضافية لمكافحة وباء فيروس كورونا المستجد كوفيد-19. كما بين المسؤول الأممي أن المملكة تعد المانح الأكبر لخطة الاستجابة الإنسانية لليمن، وأنها قدمت في العام الماضي أكثر من 750 مليون دولار، وتعهدت مطلع أبريل الماضي، بتقديم 500 مليون لتمويل الخطة لهذا العالم 2020، وذلك بالطبع عدا عن الدعم المقدم عبر برنامج الملك سلمان والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن وغيرهما.

وبالنسبة للدعم المقدم لخطة الاستجابة الإنسانية، فهو يتم عبر المنظمات الأممية والإغاثية بهدف الوصول إلى جميع مناطق البلاد، بما في ذلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

والحديث هنا يتركز حول أداء هذه المنظمات، والذي يكتنفه بعض القصور، وذلك لكي تصل المساعدات إلى مستحقيها على الوجه المنشود. إذ أن مجمل التقارير والبيانات التي تتالت منذ أكثر من عام ونصف، حملت الكثير من المعلومات تتعلق المنظمات ، أبرزها السطو الذي يمارسه الحوثيون على نسبة غير قليلة من المساعدات الإنسانية، وشبهات الفساد المتصلة ببعض المنظمات، وصولاً إلى العوائق التي تضعها المليشيات المدعومة من إيران، في طريق تنفيذ الخطط الإنسانية، ودفعت الأمم المتحدة لتقليص الدعم في مناطق سيطرة الجماعة، التي بدورها تستخدم مختلف أوراق الضغط والتهديد ضد بعض موظفي الإغاثة، لإجبارهم على السكوت عن تجاوزتها.

ونحن إذ نحيي مانحي اليمن ونبارك انعقاد مؤتمرهم، فإننا نضع بين يدي المؤتمر، جملة من النقاط نأمل أن يتم أخذها بعين الاهتمام.

– أولى هذه النقاط، أن العديد من المهتمين بالعمل الإغاثي يشكون من أن بعض المنظمات تقوم بتبديد جزء من الدعم الممنوح، وتصرفه على بنود غير أساسية، كالسفريات ودراسات الجدوى وبرامج التوعية، في حين أن الوضع الإنساني الحرج يُعطي الأولوية لتسخير كل دولار من دعم المانحين، في سد الاحتياجات الأساسية للناس من غذاء وصحة وتعليم. كما يشكو هؤلاء المهتمون بأن بعض المنظمات لا تقوم بتوزيع المساعدات بناءً على دراسة واقعية ودقيقة للاحتياجات الملحة.

– تحدثت العديد من التقارير الصحفية، عن أن جزءاً من عمل هذه المنظمات يفتقد عنصر الديمومة، وينصب على مساعدات مؤقتة لفئات الاحتياج تجعل من هذه الفئات مرهونة بوجود هذه المنظمات، بينما بمقدور الأخيرة وبنفس الكلفة، أن تتبنى مشاريع تتصف بطابع الديمومة، بحيث يعتمد المجتمع المحلي على نفسه، بمجرد توقف عمل هذه المنظمات. وكمثال على ذلك، نجد أن المنظمات ظلت تمد بعض أهالي مديرية حيس محافظة الحديدة، عبر الوايتات، طيلة سنوات، منذ دمر الحوثيون مشروع الماء الخاص بالمديرية، ولدى العودة إلى المبالغ التي تم صرفها على الوايتات نجد أنها توزاي وربما تفوق، كلفة إنشاء مشروع المياه.. والحال نفسه في موضوع نظافة عدن ومشاريع الصرف الصحي فيها. وشواهد أخرى عديدة.

– يشكو بعض الموظفين في المرافق الحكومية اليمنية ذات الصلة بعمل المنظمات، أن البعض منها تتعمد العمل بمفردها دون التنسيق مع الجانب الحكومي، حتى يكون عملها بعيداً عن الرقابة وللتنصل من خطط قد تكون أجدى بنظر الداخل اليمني. وفي حال أبدت الجهة الحكومية أي اعتراضات، تقوم هذه المنظمات برفع تقارير تتهمها فيها بعرقلة الأداء. وعلى المنظمات أن تفهم أنها ليست بديلاً عن الحكومة، بل مساعد للحكومة للقيام بمهامها.

– أغلب إن لم يكن كل، مقار المنظمات العاملة في اليمن، تتواجد في العاصمة صنعاء، وبالتالي تخضع لأشكال عدة من ضغوط الحوثيين الذين يفرضون على المنظمات قوائم من المحتاجين لا تنطبق عليها المعايير، بل هم من مقاتليها، كما يعملون على إعاقة الخطط الأكثر فاعلية في ضمان المساعدات إلى مستحقيها في كافة المحافظات. كما تقوم المليشيات بفرض موظفين تابعين لها داخل هذه المنظمات، وهذا كله، يؤدي إلى نسبة فاقد من الدعم المخصص للاستجابة الإنسانية يذهب للأسف، لتغذية جبهات الموت الحوثية. وهو ما أكده برنامج الغذاء العالمي في أحد بياناته، العام المنصرم، بأن نحو 60 بالمائة من المساعدات يستولي عليها الحوثيون.

ولذا، فإننا نلفت عناية المانحين وعلى رأسهم الأشقاء في المملكة، لأهمية أن يكون هناك آلية واضحة تلتزم بها المنظمات الأممية في توجيه الدعم المقدم، كما نلفت عناية المانحين والحكومة اليمنية لضرورة إيجاد آلية رقابية تمنع أية مخالفات أو تجاوزات من قبل المنظمات أو غيرها. ولاشك أن من حق المانحين أن يتأكدوا من وصول المساعدات لمستحقيها، مثلما أن وضع آلية واضحة للرقابة سيحدّ كثيراً من أية تجاوزات أو مخالفات، وبالتالي يساعد على تحقيق المقاصد الإنسانية السامية التي جمعت المانحين وقدموا على أساسها دعوماتهم.

وغني عن التذكير، أن نؤكد لمانحي اليمن أن مثل هذه الملاحظات يجب أن لا تدفعهم لتقليل نسبة الدعم؛ إذ أن الحالة الإنسانية في اليمن تتطلب مضاعفة الدعم، وكل ما ينبغي عمله هو ضبط آليات التوزيع وتصميم برنامج للرقابة.

ولا ننسى في الختام أن نقدم الشكر لكل من يساعد اليمن في هذا الظرف، آملين أن يخرج اليمن سريعاً من محنته وينتقل في المدى القريب إلى طور إعادة الإعمار وترميم ما خلفته الحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى