هزة قلم! سنصير يوما ما نريد!
سأصير يوما ما أريد!
سأصير يوما فكرةً.. لا سيف يحملها إلى الأرض اليباب، ولا كتاب.
كأنها مطر على جبل تصدع من تفتح عشبةٍ،
لا القوة انتصرت.. ولا العدل الشريد! (محمود درويش)
انتهت حقبة قادة الدول العربية المعتقين.. تساقطوا جميعهم واحدا تلو الآخر غير مأسوف عليهم.. بموت غيب بعضهم أو بثورة شعبية كنست بعضهم الآخر… ولا تزال شعوب المنطقة تعاني الأمرين، حيث أنها ما انفكت تكتوي بنيران الفساد السياسي والانحطاط الفكري والانهيار الاقتصادي التي أشعلها أولئك الحكام المأفونين، وما انفكت تكتوي كذلك من أوبئة جراثيم العمالة والخيانة التي حقنوها في دماء أشياعهم من العسكريين والسياسيين والاقتصاديين والمفكرين وأصحاب العمائم.
رحلوا جميعهم ولم يتركوا بصمة واحدة طيبة تشفع لهم في نفوس الشعوب المغلوبة المقهورة، الموتورة عن دينها كرها، المحرومة من ريح الكرامة الإنسانية قسرا.
تلذذ أولئك المجرمون بالعيش الرغيد، وبدماء شعوبها الساقية للأرض العطشى للحرية، مستمتعين برؤية عرق المواطن المسكين وهو يتجول في شوارع المدن وحواريها أو في طرقات الريف وأزقتها بحثا عن لقمة حلال تسد رمقهم وأطفالهم.
وهانحن اليوم نعاني من خبث اللاحقين وحقدهم الدفين ضد الشعوب العربية، وضد ربيعها المشرق، مستخدمين كل أدوات الغدر والخيانة من أجل وأد شمس الحرية بعد أن ولدت.. فتراهم اليوم يهوون بكل قوة وبكل معاول الهدم على رؤوس الشعوب وحكامها المنتخبة ديمقراطيا، مستخدمين في ذلك كل الوسائل، و مستنجدين بالصهاينة والملحدين والمرتزقة من كل أقطار الدنيا. يستمتعون بمناظر الأشلاء المتناثرة من أجساد الشعوب، ويستعذبون رؤية الدم الأحمر الطاهر المهراق.. بل ويلعقون السكاكين الحادة المخضبة بدماء الأبرياء ويتلذذون بطعم تلك الدماء.. ولا يدرون أنهم إنما يلعقون دماءهم التي انهمرت من ألسنتهم بفعل لحسهم تلك السكاكين!
أي صنف من الناس أنتم أيها الأنجاس؟ من جاء بكم؟ إرحلوا عنا فنحن لا نريدكم! لدينا حلم! لدينا رغبة في الحياة والعيش الكريم.. لدينا رؤية لما نريد وكيف نريده أن يكون!
دعونا وشأننا أيها المجرمون.. لستم منا ولسنا منكم!
فأنتم لستم سوى عبيد آبقة.. لذلك كفرنا بكم!
تتآمروم علينا لإجهاض مستقبلنا المنشود ووأد حريتنا الموعودة؟؟؟
لم تتركوا بلدا إلا وأوضعتم خلاله تبغون فيه الفتنة والدمار كي يستقيم بكم الحال ويطيب لكم المقام.. فها هي تونس الثورة والحرية تأن وتتأوه وتتلوى من آلام محاولاتكم اليائسة والمتكررة لإعادتها إلى بيت الطاعة العفن بعد أن خلعت ثوب الذل والعبودية واكتست برداء الحرية والديمقراطية.
وهاهي ليبيا تشتعل نارا في كل أرجائها لتركيعها ونهب خيراتها وتسليمها للصهيوني الغريب.
والجزائر مابرحت تصارع الموت في سبيل نيل الحرية والكرامة والإستقلال.
والسودان كبلتم ثورته بالشيوعيين كي تمزق وحدة السودان، وتعصر الشعب عصرا، وترهقه جوعا.
ومصر العروبة قد استبحتم بيضتها من قبل، واليمن أزهقتم روح الحياة في أهلها، وطحنتم الكرامة في أرضها… وسوريا والعراق أقمتم قيامتهما، وسحبتم جهنم الدنيا إلى ترابهما بزبانية الفرس والروم.
ماذا أبقيتم لنا في هذه الحياة؟ لو استطعتم لحبستم عنا الهواء والماء، ولحجبتم ضوء الشمس عنا ورب السما!
لم يتبق لنا إلا مقاومتكم بكل ما أوتينا من قوة وإرادة!
سنقاومكم.. سنقاومكم.. نعم سنقاوم!
وسنكتب حروف حريتنا على نواصيكم.. على تيجانكم.. على كراسيكم.. وعلى أبواب المحاكم!
سنحاربكم سلما بالفكرة والقلم..
بالحرف وبصوت الكلم..
سنرهقكم بالشجاعة والإقدام.. سنسقطكم بالمظاهرة والاعتصام..
سنحارب ظلمكم وجوركم.. سنفضح خيانتكم و عمالتكم بالحس الوطني والإنتماء لأمتنا.. بروح النضال المسؤول.. بالمد الثوري اللامتناهي!
ولنا في شعب تونس الحر، ومظاهرات الجزائر المستمرة خير حافز وخير دليل!
لن تموت.. فكرتنا لن تموت!
لن تنحسر في الحرية والعيش الكريم رغبتنا!
لن تنكسر شوكتنا.. ولن تتوقف ثورتنا.. بل ستتوهج وتزيد اشتعالا كلما أسرفتم في حربنا وأوغلتم في دمائنا!
سنصير يوما ما نريد!
مازلنا أحياءً.. في مكان ما، ونعرف ما نريد.
سنصير يوما ما نريد!
أ. محمد الدبعي