حماية القطاع المصرفي حماية للاقتصاد الوطني
بقلم : عبدالملك الصوفي
كيف تعرف رجال الدولة عن غيرهم ، وكيف يمكنك أن تميز بين من يعمل من أجل الدولة ومن يعمل من أجل مصلحة شخصية أو حزبية؟!
رجال الدولة يحافظون على العمل المؤسساتي والمدني داخل البلاد .. يعملون على حماية الاقتصاد الوطني وحماية اموال الناس .. يعملون على إدارة حوار بناء يعزز من النمو الاقتصادي وينهي كل الاشكالات التي تقف حجر عثرة أمام أي نجاح قد يتحقق وخاصة خلال الحروب والأزمات.
رجال الدولة يعملون على حمايه القطاع المصرفي كأحد مؤسسات الدولة المهمة التي تقع على عاتقها حماية الاقتصاد الوطني والعملة الوطنية من اية تداعيات قد تؤثر سلباً على الواقع الاقتصادي العام ، وحتى لا تؤدي أية اجراءات خاطئة من الجهات الرقابية المتمثلة بالبنك المركزي الى العصف بهذا القطاع وبالتالي تدميره وتدمير القطاع الاقتصادي عامة.
انظروا للواقع المصرفي والاقتصادي السيئ الذي وصلت إليه لبنان نتيجة الممارسات غير المسئولة ممن تم تنصيبهم في مسئوليات كبيرة وهم لا يفرقون بين المسئولية الوطنية والاقتصادية وبين المسئولية الحزبية وإرضاء هذا أو ذاك من الأشخاص ونيل الحظوة لديه.!!
وبعيداً عن لبنان لنبقى هنا في اليمن وننظر إلى كل الإجراءات التي اتخذها الطرف الآخر وأدت إلى تقويض الاقتصاد الوطني وانهيار سعر العملة الوطنية وكل ذلك بسبب الخطوات غير المسئولة التي اتخذها هذا الطرف وذهب يطبع عملات وطنية جديدة دون أي غطاء ودون اعتبار للمآلات الخطيرة التي سينتج عنها هذا الإجراء.!
لن نذهب للشرح والاستدلال كثيراً ولنتوقف هنا أمام الإجراء المتسرع الذي اتخذته اطراف في البنك المركزي بحق بنك التضامن الذي يعد أحد البنوك الرئيسية المهمة التي تعمل وما تزال وفقاً للقوانين المحلية والدولية وقوانين وتعليمات البنك المركزي اليمني بصنعاء.
نقول ذلك لأن قرار تجميد ارصدة بنك التضامن كان متسرعاً ولم يتم دراسته بتأني ومناقشة القضية التي أدت إلى هذا الإجراء دراسة مسئولة دون إلحاق أي ضرر بالبنك وكل موجوداته وودائعه التابعة لعملائه.
ورغم تأكيدنا أن هذا الإجراء لن يؤثر على العمل المصرفي لبنك التضامن ولا بأموال عملائه المودعة فيه كونه يمثل صرحاً مصرفياً عملاقاً ومؤسسة لا تعمل على المستوى الوطني فحسب وإنما على المستويين الإقليمي والدولي ولديه اصول وموجودات تفي بأرصدة العملاء وتزيد، وهو ما يطمئن كل المودعين والمتعاملين معه.
بنك التضامن ليس شركة أموال يتم إدارتها بعيداً عن النظام والقانون أو عبر التحايل على الدولة أو على عملائه ولكنه مؤسسة عتيدة لديه من الكوادر الإدارية والمصرفية والقانونية المؤهلة على أعلى مستوى ويعون جيداً ماذا يعني العمل المصرفي وماذا يعني القانون، غير أولئك الذين يتم تعيينهم في مهام علياء في اعلى سلم السلطة المصرفية في البلاد ونقصد بكل وضوح البنك المركزي اليمني وهم لا يفرقون بين العمل المصرفي والقوانين التي تحكمه وبين قوانين أخرى تحتكم إليها الأجهزة القضائية والأمنية والضبطية.
إن ما تم اتخاذه من قرار تجميد ارصدة بنك التضامن لم يكن مسئولاً فمثل هذا القرار لم ولن يؤثر كما قلنا على بنك التضامن وإنما سيؤثر على القطاع المصرفي بشكل عام وستكون له تداعيات خطيرة على العمل المصرفي في البلاد وعلى الواقع الاقتصادي بشكل عام ، وهذا ما لا نرجوه بكل تأكيد في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها اليمن نتيجة الحرب والحصار المفروض عليه.
من أجل ذلك أؤكد هنا على ما قاله أحد الخبراء المصرفيين :” نحن على ثقة بأن بنك التضامن ومعه البنك المركزي والمسئوولون الوطنيون الناضجون سيتجاوزون هذه الإشكالية وسيعطون مصلحة البلاد اولوية فوق كل إعتبار.. ويقيناً – وكما أكد هذا الخبير المصرفي – أنه ليس من مصلحة أحد ان تأخذ البنوك المراسلة موقفاً من البنوك اليمنية وتقضي على ماتبقى من سمعة القطاع المصرفي خارجياً .. وإن فعلت فستكون آثارها المباشرة وغير المباشرة كارثية على البلد وعلى الاقتصاد الوطني.
أخيرأً أرجو أن يتم مناقشة ومعالجة هذه الإشكالية بعيداً عن كل صور واشكال الصراع السياسي حتى لا يضيع التقدير ويسوء التدبير