لماذا تجبر بعض الفتيات في اليمن على التخلي عن آرائهن .؟
تعز / جلال الصوفي :
حاله الغضب التي تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الحديث حول بشاعة أي جريمة قد تحصل في المجتمع لأي إنسان تعد أمرًا طبيعيًا يتناسب مع إنسانيتنا، ولكن في الآونة الأخيرة ومع تزايد أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن أصبح الغالبية يتخذون من هذه المنابر متارس لمهاجمه الإعلاميات والناشطات على وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا ما يعيشه حقيقة المجتمع الذكوري الذي يمارس فيه كل أنواع المضايقات بحق النساء بشكل عام والإعلاميات والناشطات منهن بشكل خاص متناسياً الدور الذي تلعبه النساء في المجتمع دون الأخذ بمقولة المرأة نصف المجتمع.
الخوف من النشر
نشاطي عبر وسائل التواصل الاجتماعي تسبب لي بمشاكل جعلت عائلتي يتخذون مني موقفاً معارضًا لعملي في صفحتي على الفيسبوك (س.ث) هي واحدة من فتيات كثيرات يتعرضن للمضايقات على وسائل التواصل الاجتماعي والتي أجبرت في نهاية المطاف على التخلي عن آرائها لم تجد طريقة لتدافع بها عن نفسها فقد وجدت نفسها مخيرة بين استخدامها لصفحتها في الفيسبوك أو عدم مواصلة دراستها الجامعية وهذا ما قيد حريتها كما تقول.
الإعلاميات وناشطات وسائل التواصل الاجتماعي هن أكثر عرضة لمثل هذه المضايقات بسبب أعمالهن التي تتطلب التواجد على وسائل التواصل الاجتماعي، فالمعتدي يمارس كافة أشكال التعدي ويسمح له بقول ما يريد دون أن يعترضه أحد مستغلاً عدم وجود قوانين رادعة وما تؤمنه له هذه المنصات من أساليب للتخفي.
فرغبتها بالكتابة في الشأن السياسي والديني جعلها عرضة للتشهير والانتقاد المجتمعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتسبب لها بخسران وظيفتها والكثير من الفرص التدريبية وبدأت تميل إلى الخوف من ردة فعل المجتمع بمقابل أي نشاط تقوم به مخافة التعرض لتشهير.
الانحدار
قبل ثورة وسائل التواصل الاجتماعي كانت ظاهرة المضايقات متغلغلة في الأماكن العامة لكن مع ظهور التكنولوجيا أصبحت الكثير من الفتيات يشعرن ببعض الحرية للكتابة والتعبير عن آرائهن لكن ما لبث الوضع أن انحنى في الاتجاه الآخر فقد أخذت المضايقات شكلاً مختلفاً.
فبإمكان أي شخص في أي مكان في العالم أن يمارس كل أنواع المضايقات والتهديدات على ضحيته من دون الحاجة الى الكشف عن هويته فإن الإعلاميات وناشطات وسائل التواصل الاجتماعي هن أكثر عرضة لمثل هذه المضايقات بسبب أعمالهن التي تتطلب التواجد على وسائل التواصل الاجتماعي، فالمعتدي يمارس كافة أشكال التعدي ويسمح له بقول ما يريد دون أن يعترضه أحد مستغلاً عدم وجود قوانين رادعة وما تؤمنه له هذه المنصات من أساليب للتخفي.
ففي استبيان إلكتروني تمت مشاركته مع عدد من الإعلاميات وناشطات وسائل التواصل الاجتماعي تبيّن أن 70% من النساء المشمولين بالاستبيان تعرضن للمضايقات على وسائل التواصل الاجتماعي حيث توزعت هذه المضايقات بين السب والقذف والتقليل من الشأن والتي حصلت على النسبة الأعلى بـ ٦٩٪ من إجمالي عدد المشاركات في الاستبيان فيما توزعت بقية النسب بين التنمر والتوظيف السياسي والديني والتشهير بنسب متفاوتة.
وفي دراسة بحثية صدرت مؤخراً عن مشروع ” أصوات النساء” لخصت جوانب كثيرة للإعلام المضلل والتناول السلبي لقضايا المرأة في وسائل الإعلام حيث مثلت ٤٧٪ من العينات التي تناولتها الدراسة انتهاك مبدأ الخصوصية في التناولات الإعلامية لقضايا المرأة حيث وصلت نسبة الانتهاك إلى ٩٧٪.
وقد بينت الدراسة أن نسبة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأسلوب الإثارة على حساب المرأة قد بلغ ٢٨٪ من المحتوى الإعلامي فيما بلغت نسبة التوظيف السياسي للمرأة ٤٤٪.
تقول أمة الرحمن التي تعمل كمراسلة تلفزيونية لإحدى القنوات المحلية لـ” مشاقر “ :” كوني أعمل لقناة محلية محسوبة على طرف معين يتم استبعادي من أغلب البرامج التدريبية”.
تعرضت أمة الرحمن للتنمر والتوظيف السياسي بسبب عملها الإعلامي قائلة:” في أي مكان أتواجد فيه لإبداء رأيي الشخصي كنت أسمع عبارات سياسية وحزبية وأن هذا الرأي ليس إلا ما يمليه الحزب الذي تتبعه القناة التي أعمل لصالحها “.
تشويه المقام
الدراسة ذاتها أظهرت تعرض النساء للوصم الاجتماعي بسبب هذه التناولات الخاطئة بنسبة وصلت ٩١٪، كما أظهرت تعرضهن للخطر بنسبة وصلت ٨٢٪.
تقول سارة (اسم مستعار) لـ” مشاقر “ بسبب النزاع الدائر حالياً أصبح فقد تعرضنا للكثير من المضايقات أبرزها المنع من النشر ووصل الأمر إلى اختراق صفحتي في الفيسبوك قبل أن أستعيدها وتم تهديد أهلي إذا لم أكف عن منشوراتي التي عادة ما تكون مطالبة بأبسط الخدمات مثل الصحة والكهرباء، آخر تلك التهديدات أتت بشكل اتصال إلى تلفون أحد أقربائي يحمل تهديدات مباشرة لي بعد سلسلة منشورات كتبتها عن قضية قتل حدثت في المنطقة التي أقطن فيها.
في حديثه لـ” مشاقر “ يقول عميد مركز الإرشاد والبحوث النفسية في جامعة تعز الدكتور جمهور الحميدي:” المضايقات المستمرة تجعل أحيانًا ردة الفعل إما عدوانية تجاه المجتمع أو تتكون صورة مشوهة حول الذات للفتاة وتتشكل هذه الصورة تدريجيًا حتى تصل إلى قناعة بأن دورها الاجتماعي هو الدور الجنسي دون غيره هذا شعور سلبي للغاية حيث تهمل كثيرًا من أدوارها المحورية في المجتمع”.
وللأسف الشديد مجتمعنا الذكوري لا ينظر للمرأة إلا أنها هدف جنسي هذه النظرة القاصرة بالرغم من أثرها السلبي على المرأة ذاتها إلا أن هذا الأثر يمتد إلى مضامين التنمية وتعطيل الطاقات البشرية بحيث يتم إفراغ دور المرأة من واجباتها ومسؤولياتها المختلفة إلى دور قاصر وهامشي كما يقول الدكتور الحميدي.
مبررات واهيه
حمدي رسام الذي أعد دراسة تحليلية تكشف حجم التضليل الإعلامي حول المرأة في اليمن أوضح لـ” مشاقر “ :” تتعرض الكثير من الإعلاميات والناشطات على منصات التواصل الاجتماعي إلى الكثير من المضايقات بسبب عملهن وعادة يتم توظيف الجانب الديني أو الاجتماعي في تبرير هذا الاستهداف فالكثير من رواد التواصل المتخصصين في مهاجمة الناشطات والإعلاميات يبحثون عن مبرر فقط لتبرير أفعالهم “.
وأضاف:” للأسف فقد وظفت وسائل الإعلام وبعض رواد التواصل في اليمن الجانب السياسي كاستهداف بعض الناشطات أو الإعلاميات وتوظيفها سياسيًا لتحقيق أغراض سياسية تدين طرف ما متجاهلين بذلك الأخلاقيات الصحفية التي يجب أن تمثل أولوية في العمل الصحفي “.
“فكرت كثيراً في التخلي عن دراستي الجامعية رغم تفوقي وحصولي على المرتبة الأولى بسبب المضايقات التي كنت أعايشها في مجتمعي كوني إنسانة مستقلة وهذا ما لا يروق للمجتمع تأثرت نفسياً لكني أيقنت في الأخير أنني كإعلامية لا بد أن أتجاوز كل هذه المحن وفي قرارة نفسي سأقابل الكثير والكثير ويجب أن أواجه هذه الأمور بكل برود” هذا ما قالته الإعلاميةش ولاء دينيش.
في ظل عدم وجود قوانين رادعة لمثل هكذا أفعال فهل صار لازماً على الصحفيات وناشطات وسائل التواصل الاجتماعي تجاوز المضايقات كما فعلت ولاء؟
نقلاً عن مشاقر