شوق ضائع، وفرحة مفقودة
عاطف العميري
يا الله! اقترب رمضان، يفصلنا عنه يوم فقط ، ولا عجب في هذا، فعادتنا _ نحن المسلمين_ هي الاختلاف، لا الإئتلاف، ولكن العجب، في هذا البرود الذي يسكنني تجاه قدوم هذا الشهر الفضيل، لم يعد هناك شوق لقدومه كسنين مضت، تلاشت الفرحة التي كانت تنتابني عند استقباله، الفرحة التي كانت تغمرني ابتداء من النصف الأخير من شعبان، يومين فقط، ولا فرحة تكسو هذا القلب القاسي. أممكن هذا؟! أتراها وهي الخافتة ميلاداً ونشأة قد تلاشت، واضمحلت؟ أممكن أن نقطة الإيمان في قلبي قد انطفأت؟ هذا غير ممكن، فأنت أعلم بقلبي مني يا الله.
إذاً أين ذهب ذاك الشوق وذاك السرور؟ أيعقل أنهما كانا وليدين لطقوس وعادات اجتماعية رمضانية لاتمت للدين بصلة؟ أم أن الشوق كان شوقاً للمسلسلات والبرامج الرمضانية، ولأنني صرت كبيراً ولم أعد مهتماً بها، تلاشى واختفى؟
لا، ربما الأوضاع التي نعيشها هي السبب، ربما رائحة الموت المنتشرة، بحار الدماء المتدفقة بقوة، هي التي أغرقت شوقي لرمضان وفرحتي بقدومه، ولكن، تدفق تلك الدماء لم ينقطع منذ عشرات السنين، من قبل قدومي إلى هذه الحياة البائسة بكثير، فلماذا يحدث هذ الأمر هذه السنة تحديداً؟ لماذا؟
نعم، الدماء لم تنفك عن التدفق منذ سنين، ولكن ربما إدراكي لحقيقة كوني فرداً يعاني ويلات الصراعات، جعلني أحزن لما يحدث للآخرين، ولهذا لست فرحاً بقدوم شهر الغفران، ولكنه شهر رحمة ومغفرة واستجابة، أيعقل ألا أفرح بقدومه؟ بالعكس، ستزداد فرحتي لأن الله قد يستجيب دعاءنا فيخرجنا مما نحن فيه.
صوت في داخلي يصرخ، يجعلني غير مقتنع بما كتبت، بما أوردتُ من تعليلات، وهذا يعيدني إلى دائرة السؤال، أين ذهب شوقي لرمضان وفرحتي بقدومه؟ أتراني وحدي يحدث معه هذا؟ أم أن هناك من يشاركني إياه؟
اللهم ثبت قلوبنا، وأوردنا منابع الإيمان الصافي، اللهم سلمنا إلى رمضان وسلم لنا رمضان، وتسلمه منا متقبلاً.