الحياة

مشاقر تعز تقاوم اوجاع الحرب بالموسيقى

تكافح الفنانة اليمنية هاجر نعمان وشباب آخرون تداعيات الحرب وأوجاع الصراع المستمر في البلاد، بإطلاق أغانٍ ومقطوعات موسيقية.

وفي الوقت الذي اتجه فيه الآلاف من الشباب اليمنيين إلى جبهات الحرب، واصلت نعمان وزملاء آخرون مشوار الفن والجمال في تعز، التي تعرف بأنها عاصمة الثقافة اليمنية، والتي تعد من أكثر المدن كثافة سكانية.

ونعمان (21 عاماً) ولدت ونشأت في مدينة تعز، جنوب غربي اليمن، وتدرس حالياً في المستوى الرابع بقسم الإعلام في كلية الآداب بجامعة تعز.

وأعربت الشابة العشرينية عن سعادتها بمشوارها الفني الذي بدأته منذ سنوات، في الوقت الذي تواصل فيه خلق واقع جميل بعيداً عن أوجاع وهموم الحرب.

وبدأت نعمان الدخول في الفن والموسيقى وعمرها ست سنوات فقط.. كانت حينها تلميذة في الصف الأول تتمتع بنشاط كبير في الفرق الفنية والمسرحيات والغناء والاستعراض.

وقالت إنها دخلت عالم الفن بسبب الرغبة والشغف الكبيرين بهذا الجانب منذ الطفولة. وأسست نعمان وأصدقاء لها فرقة “مشاقر تعز”، المكونة من خمسة أشخاص عام 2019.

و”مشاقر” كلمة في اللهجة اليمنية مفردها “مشقر” وهو نوع من أنواع الورود يحمل رائحة زكية ومظهراً جذاباً، ويهتم به السكان في أرجاء البلاد، خصوصاً في تعز. ونشطت هذه الفرقة في ظل الحرب التي تعاني منها اليمن.

وكان الهدف من وجود الفرقة هو إحياء التراث وصنع كيان خاص بالفرقة الجديدة التي حظيت بجمهور يمني لا بأس به.

وأشارت نعمان إلى أن “الفرقة أنتجت العديد من الفيديوهات والأغاني الفنية القصيرة، وشاركت بفعاليات موسيقية في تعز وأماكن أخرى”.

وأضافت أنها سعيدة بالنجاح الذي حققته الفرقة كونها حظيت بإعجاب قطاع كبير من الجمهور، حيث انتشرت الفيديوهات الفنية على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، تزامناً مع الظروف الصعبة التي تعاني منها تعز واليمن أجمع.

وغنت نعمان العديد من الأغاني اليمنية التراثية التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منها بعض الأغاني للفنان اليمني الشهير أيوب طارش العبسي، الذي يعد من أهم المطربين في البلاد، ويحظى بشعبية كبيرة.

ومن بين الدوافع التي جعلت فرقة “مشاقر تعز” تستمر في كفاحها الفني، هي محاولة نشر السلام وقيمه السامية وصنع واقع تملؤه البسمة والجمال، مقابل المأساة التي تعيشها البلاد جراء النزاع.

وتحمل نعمان وفرقتها رسالة سامية تود إيصالها بشكل متكرر، قائلة: “نرغب دائماً في إيصال السلام وترجمة مشاعرنا عبر الموسيقى.. كلما قدمت الرسالة عبر الموسيقى كانت رسالة حب ورسالة سلام”.

وتابعت: “دورنا نحن أن ننشر السلام والحب، ونروي للعالم أنه ليس في اليمن فقط حرب، هناك أيضاً جمال وتراث وفن وموسيقى جذابة.. نحن في بلاد تحمل عراقة وحضارة وفن وأصالة، وليس الواقع كله حرب وصراعات، وعلى العالم معرفة هذا”.

وتسعى فرقة مشاقر إلى تحقيق العديد من الطموحات الفنية مستقبلاً. وأكدت نعمان: “سنواصل نشر التراث اليمني، وبالأخص التعزي.. لدينا طموح أن نقيم حفلات راقية خاصة بتراثنا وفننا بكل أرجاء اليمن وخارجه”.

وتنشر الفرقة أغانيها وأنشطتها الفنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أكثرها فيسبوك ويوتيوب.

ولا يخلو مشوار هذه الفرقة الفنية من الصعوبات والعوائق في البلد الذي يعاني أسوأ الظروف الإنسانية والمعيشية بالعالم.

وتشير نعمان إلى أنها مع زملائها في الفرقة لم يلاقوا دعماً معنوياً حقيقياً ولا لفتة ثقافية من كبار المسؤولين في بلادها، أو من المتخصصين بالجانب الفني والتراثي.

وأضافت: “نحتاج إلى دعم قوي جداً، فالظروف التي تمر بها تعز تترجم كل شيء”، في إشارة إلى الصعوبات المالية والإنتاجية والمعنوية في ظل استمرار الحرب.

وأوضحت أن فرقتها وهي شخصياً واجها صعوبات كثيرة وانتقادات لاذعة أحياناً، إضافة إلى انتهاكات طالت الحق الفني.

وتابعت: “بعض المؤسسات أخذت اسم فرقتنا بالعديد من الفعاليات، فيما بعض الشركات نسبت الاسم لها”.

وحول نظرة المجتمع اليمني للفن والموسيقى تختم هاجر بالقول: “ينقسم السكان في بلدي إلى قسمين، هناك مؤيد ومحب للفن ومتذوق له، فيما آخرون يعتبرون الموسيقى عيباً اجتماعياً أو مخالفاً للعادات والتقاليد، كما يعتقدون”.

زر الذهاب إلى الأعلى