أسرار ليلة الإسراء والمعراج وتاريخ وقوعها وما حدث فيها من الأعاجيب
أسرار ليلة الإسراء والمعراج
رحلة الاسراء والمعراج هي الرحلة التي أكرم الله بها نبيه ورسوله عليه الصلاة والسلام، وخفف عنه ما يجده من تعنت الكفار ورفضهم اتباع الحق. والخضوع لما نزل من عند الله سبحانه من البينات والبراهين الظاهرة الواضحة. والإسراء هو انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليلًا في صحبه جبريل الأمين عليه السلام.
يقول سبحانه وتعالى في بداية سورة الإسراء “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ”. وكان الإسراء بالبراق الذي أتى به جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم. والذي هو دابة تشبه البغل وتضع حافرها عند منتهى بصرها، وهو الدابة التي كان يركبها إبراهيم عليه السلام عندما كان يذهب لزيارة هاجر وابتها إسماعيل في مكة المكرمة.
أما المعراج فهو صعود الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العلى. ومقابلته للأنبياء، ومن ثم صعوده إلى السماء السابعة عند سدرة المنتهى، وفرض الصلاة التي هي أعظم العبادات .
تاريخ وقوع ليلة الإسراء والمعراج
اختلف العلماء في تاريخ ليلة الإسراء والمعراج على أكثر من قول. فقد قال ابن عساكر أن الإسراء والمعراج وقع في أول البعثة النبوية. كما أن ابن إسحاق يرى أنها وقعت بعد الهجرة النبوية بعشر سنين. بينما يرى الإمام النووي عليه رحمة الله أن رحلة الإسراء والمعراج كانت قبل الهجرة بسنة واحدة، وهو رأي ابن حزم رحمه الله أيضًا.
وكما اختلف العلماء في السنة التي وقعت فيها رحلة الإسراء والمعراج فقد اختلفوا أيضًا في الشهر الذي وقعت فيه. فجمع كبير من العلماء على أنها وقعت في السابع والعشرين من ربيع الأول. كما قال جماعة أخرى من العلماء أن الرحلة وقعت في شهر رجب وليس ربيع الأول، وجماعة من العلماء ترى انها وقعت في شهر رمضان. لكن اتفق العلماء على أن رحلة الإسراء والمعراج كانت قبل الهجرة من مكة إلى المدينة. كما اتفقوا على أنها كانت مرة واحدة فقط.
سبب الإسراء والمعراج
كانت رحلة الإسراء والمعراج بعد عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مدينة الطائف؛ حيث كان قد ذهب إليها هو ومولاه زيد بن حارثة، ودعا أهلها إلى الله وحده وإلى ترك عبادة الأصنام وإلى التوحيد. لكن أهلها رفضوا ما جاء به عليه الصلاة والسلام ، وآذوه أشد الإيذاء وسلطوا عليه غلمانهم وسفهائهم يضربونه بالحجارة حتى أدموه عليه الصلاة والسلام. فعاد عليه الصلاة والسلام حزينًا مهمومًا.
لا سيما وأن هذا حدث بعد وفاة زوجة النبي عليه الصلاة والسلام وأم أولاده ومن كانت تخفف عنه عند اشتداد الكرب، وهي السيدة خديجة رضي الله عنها. كما توفي قبلها عم النبي أبو طالب والذي كان يحوطه ويمنعه من الكفار ومن أذيتهم. فاجتمعت أسباب الحزن على قلب النبي صلى الله عليه وسلم. فأراد الله سبحانه وتعالى أن يخفف عنه ، وأن يسلي قلبه عن بعض هذه الهموم التي تنوء بها الجبال ، فكانت رحلة الإسراء والمعراج.
أحداث الإسراء والمعراج
انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمين الوحي جبريل إلى بيت المقدس ممتطيًا البراق. وفي الطريق شم النبي صلى الله عليه وسلم رائحة ذكية فلما سأل عنها جبريل عليه السلام أخبره أنها رائحة تخرج من قبر ماشطة ابنة فرعون وقبر أبنائها . والذين قتلهم فرعون لما علم بعبادتهم لله وتوحيدهم له وحده. ولما وصل النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس وجد الأنبياء في استقباله، فصلى بهم الصلاة الإبراهيمية حيث لم تكن الصلاة قد فُرضت بعد.
العروج إلى السماوات العلى
ثم انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم صحبة جبريل عليه السلام إلى السماوات العلى وهي المعراج. فافتتح جبريل عليه السلام السماء فقيل له من معك؟ فقال: محمد ، فقيل له: وهل أرسل له؟ فقال نعم، ففتحت أبواب السماء الأولى ، ووجد فيها آدم عليه السلام. فسلم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق إلى السماء الثانية والثالثة والرابعة فالخامسة و السادسة . وفي كل سماء كان يجد فيها من أنبياء الله تعالى ما استفاضت كتب الأحاديث والسير ببيانه. حتى وصل عليه الصلاة والسلام صحبة جبريل إلى السماء السابعة فوجد فيها إبراهيم عليه السلام .فرحب بالنبي قائلًا مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح. وكان مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، وهو بيت في السماء السابعة فوق الكعبة، حتى لو انه سقط لسقط عليها. ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إلى قيام الساعة.
تجد هنا أيضًا: دعاء ليلة الإسراء والمعراج
الوصول إلى سدرة المنتهى
ثم صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى سدرة المنتهي. وهي شجرة لا يعلم عظمها إلا الله سبحانه، أوراقها كما وصفها النبي عليه الصلاة والسلام كآذان الفيلة. ورأى النبي أربعة أنهار عند سدرة المنتهى، نهران ظاهران ونهران باطنان، فلما سأل جبريل عن الأنهار قال أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران ، فالنيل والفرات. وسمع النبي صرير الأقلام فكان أقرب ما يكون من الملأ الأعلى.
فرض الصلاة
ثم فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ولعظم الصلاة وأهميتها فقد فرضها الله أولًا خمسين صلاة، فلما نزل النبي ومر على موسى عليه السلام سأله عما فرض الله على أمته . فلما أخبره النبي أن الله افترض عليهم خمسين صلاة قال له موسى عليه السلام : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم ، وإني والله قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فرجع النبي ، فوضع الله عنه عشراً . ثم ما زال عليه الصلاة والسلام يتردد بين الله سبحانه وبين موسى حتى جعلها الله خمس صلوات في العمل وخمسين في الأجر.
هل يُشرع الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج
ذكرنا آنفًا أن رحلة الإسراء والمعراج هي معجزة عظيمة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم. لكن الاحتفال بهذه الليلة لم يرد لا عن النبي ولا عن أحد من الخلفاء الراشدين . ولا عن القرون الثلاثة الفاضلة، فالأصل في المسلم الاتباع لا الابتداع. وقد اكتمل الدين وتم في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام. ومن ثم فلا يجوز إحداث ما لم يكن على عهدة ولا عهد أصحابه والتابعين من بعدهم. وعلى هذا قول جماعة كبيرة من العلماء المعاصرين.[1]
عرضنا بعض من أسرار ليلة الإسراء والمعراج، كما عرضنا لتاريخ وقوعها واختلاف العلماء في ذلك، ومشروعية الاحتفال بهذه الليلة من عدمه.
رجيم