لماذا ذهبت اليمن إلى الحرب؟!
موسى العيزقي
على مدار 6 سنوات مضت يسألني الكثير من الإخوة المصريين لماذا ذهبت اليمن إلى الحرب، وأجدني أشرح وأوضح لهم ماجرى ويجري؛ لكن البعض منهم يعيدوا سبب ما حدث في اليمن إلى عدم وجود قوى وطنية حقيقية، ولا غرابة عندما يقول المصري: “أكيد ما عندكمش قوى وطنية ولا جيش ولاؤه للوطن مثل الجيش المصري أو القوى التونسية التي فضلت في مرحلة ما مصلحة الوطن العليا على مصالحها الشخصية”.
فاليمن كان قدرها مع سوريا وليبيا أن ذهبت إلى الحرب بخلاف مصر وتونس وهن مجتمعات بلدان ما عرف “بالربيع العربي”.
في اليمن كل شي مختلف تمامًا جيشه وشعبه وقواه السياسية وتركيبته القبلية، وكل هذه العوامل تلعب دورًا كبيرًا في استقرار أو عدم استقرار الأوضاع، فالقوى السياسية اليمنية للأسف تعتبر من أسوأ القوى الانتهازية على الإطلاق …فهي سرعان ما تبدل وتغير من مواقفها ومبادئها في ليلة وضحاها عملاً بالمقولة “من تزوج أمنا صار عمنا” وكذلك الحال مع القبيلة، فالكثير يحكمها الولاء الضيق والمال المدنس، والجيش السابق لم يُبنَى على أسس علمية صحيحة، وتركيبته لم تكن وطنية بحته، فقد بُنيَ بشكل “هوشلي” وعشوائي من مناطق معينة… فالولاء هو من يحرك الأمور على الأرض ويتحكم بالمعادلة و يغير مجرياتها..
أضف إلى ذلك أن الشعب اليمني شعب غير واع، وقد لعب الجهل والتخلف قديماً وحديثاً دورًا كبيرًا في إيصال الأوضاع إلى ما وصلت إليه اليوم، فهو لم يتسفد ويتعظ من الماضي، فكرر نفس الأخطاء بل والغالبية للأسف مع من يدفع أكثر أو من هو من نفس الملة أو الطائفة أو المنطقة أو القبيلة…إلخ.
وهنا تسترجعني ذاكرتي إلى العام 2006 وتحديدًا أثناء انتخابات الرئاسة التي جرت بين مرشح المؤتمر الشعبي الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وبين مرشح أحزاب اللقاء المشترك الراحل فيصل بن شملان حيث شاهدت وشاهد الكثير كيف كانت تساق القوافل البشرية كـ “القطيع” في حافلات كبيرة إلى صناديق الاقتراع للتصويت لهذا المرشح أو ذاك مقابل مبالغ مالية زهيدة جدًا وقد حدثني أحد الزملاء وقتها أنه صوت لأكثر من مرشح في انتخابات برلمانية بنفس الفترة مقابل مبالغ كانت وقتها لا تتعدى 1000ريال أو 2000 ريال.
وهكذا يبيع المواطن مستقبله ومستقبل أولاده ورأيه وصوته الذي يجب أن يبقى حرًا يمنحه من يرى أنه مناسبًا والعكس صحيح.
وسنظل ندور في حلقات مفرغة طالما ونحن نسير مجتمعين بنفس الطرق التي سكلناها من قبل ولم تقُدنا إلا إلى مزيدٍ من التشرذم والتمزق والاحتراب والاقتتال، فالتعايش والقبول بالآخر كفيلان بتحقيق السلام العادل والشامل في هذا البلد الذي أنهكته الحروب ومزقته الصراعات.