الوعي، ولابد للشرعية من وقفة!
رشيد العطران
أتمنى أن يعي الناس في اليمن خطورة الوباء كورونا (كوفيد 19) وأن الأمر ليس كما يشيعه بعض من غمرتهم السياسة فسلبتهم البصيرة والرؤية؛ حتى أصبحت الرؤية عندهم من خلال المواقف السياسية، لا من خلال الوقائع البينة، والنظرة الصحية الواقعية، الأمر جد خطير، والموتى بلغوا (111) وهو عدد كبير، وهذا ما ظهر لنا فحسب، وما خفي كان أعظم!
وهنا أقول: لابد أن يوقن اليمنيون أننا والعالم نمر بجائحة وليست كما يقولون: أزمة!
(الأزمة تتعرض للماديات، والجائحة تستأصل المادة والحياة معًا) فهل نعقل؟ أو هل ندرك أن الأمر أكبر من توقعات المتابع “البسيط” أو المتابع الدقيق؟
لذا . . أؤكد أن تجاوز هذه الجائحة لن يكون إلا عبر الوعي الصحي، الوعي بأهمية أخذ الوقاية ( فالوقاية خير من العلاج)! الوعي بضرورة لزوم التوجيهات الطبية العالمية، وتلقي المعلومة من مصادرها الصحيحة، والابتعاد عن كل من يهون من شأن هذا الأمر، لأنه مستهتر بالحياة، أو لا يدرك حقائق الأمور، مع العمل على استمرار الحياة دون خوف وهلع؛ فالقلق المربك: (يضعف مناعة الإنسان، ويسلبه روح المقاومة، ويجعله أكثر عرضة للإصابة بالوباء وغيره).
والمفترض – وجوبًا لا استحبابًا – أن تصبح منابر التوجيه والتوعية في الداخل والخارج اليمني: (وزارات، قنوات، مواقع، مساجد، جامعات، مدارس، عقال حارات، أمناء مناطق . .الخ) صفاراتِ إنذارٍ على الدوام، ودفاعات مدنية تجوب الشوراع والحواري تحذيرًا من خطورة الوباء، وتوعيةً بطرق السلامة منه، مع غرس عقيدة: (يدبر الأمر من السماء) وسقي الإيمان بغيث: ( فالله خير حافظًا) ودعم جبهة: (التوكل لا ينافي السببية) بل هو كنه التوكل وعموده: (اعقلها وتوكل)!
مع بث روح التفاؤل، ونشرِ أفكارٍ تشغل حيز العقول بالتفكير في أمور تجلب لهم السعادة، وتؤكد عليهم حتمية الخروج من هذا الوضع عن قريب بصورة مشبعةبالأمل؛ فالأمل المشع دواء خفي، لا يباع ولا يشترى، لكنه يُغرس، ويَنبُت، وسيثمر ولو بعد حين!
ثمة أمور هنا ليت الشرعية الموقرة تتعامل معها بجدية، وليت من يختلفون معها يقدرون المرحلة فيعملون على مؤازرتها، ويدعمون أي نشاط لها في هذا الاتجاه، ولو بالاستحسان والمباركة:
أولًا:
نتمنى أن تباشر الشرعية التوعية الصحية لعموم اليمن (شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا) بصورة جدية ومتواصلة، وتجعل قضية حماية الناس في اليمن من الوباء أعظم هدف لها في هذه المرحلة الحرجة، مستشعرةً مسؤوليتها تجاه الإنسان اليمني، وتجاه البلد المنكوب بكل ما تعنية كلمة نكبة، وأن تعلم أن الجميع هم رعاياها، لا رعايا الدخلاء على البلاد اليمنية، وأن هذه وظيفتها لا وظيفة المتقطعين، وهدمة الحضارة، وأعداء الحياة.
ثانيًا:
السعي في إيصال معونات لمن في المناطق عبر وسطاء (محليين و دوليين) المهم أن يكون الوسيط قوي لا يخضع لهيمنة الحوثيين وغطرستهم ولا بأس بقبول التنازل عن أي اشتراطات، رجاء أن يتحقق الهدف، وهو (إنقاذ الإنسان اليمني) وإنقاذ أشقائنا الذين يعيشون معنا هناك، من صوماليين، وسوريين، وسودانيين، وغيرهم.
ثالثًا:
أن تحافظ الشرعية على الأرواح التي في مناطقهامن خلال القيام بحظر مماثل للحظر المزمن الذي قامت به كثير من الدول، وعلى رأس القائمة المملكة العربية والسعودية، ف(الاستراتيجية السعودية) لمكافحة الفيروس كانت ممتازة ومتقدمة جدًا، وتستحق الإشادة، مع مراعاة بعض الأمور التي تحتاج من الشرعية مزيد رعاية، كتعويض من لا عائل لهم، ودعم الجانب الصحي والغذائي بصورة كبيرة، وجعل الأولوية لذلك، فاليمن يصنف: (الأضعف صحيًا، والأفقر دوليًا)!
رابعًا:
فتح المجال للمؤسسات الإغاثية والخيرية في إقامة مشاريع مساندة في هذا الباب، وربطها بجهات خارجية بصورة رسمية، وإتاحة الفرصة لها دون شرط أو قيد، ويُزمَّن هذا بزمن، حماية للبلد من المشاريع الصغيرة التي تهدف لإشاعة الفوضى، وأخذًا بالعبر التي رأيناها في سالف الأيام، وتجنيبًا للبلاد من طعنات الغدر، وصيانةً لها من الأيادي العابثة!
ختامًا:
(رتبوا حاجياتكم، واحترزوا لأجلكم ولأجل أبنائكم، وغلبوا صوت العقل، لا صوت الجهل والعكفي والإمامة، واسترشدوا بتعليمات المنظمات الصحية العالمية، وخذوا بتوصيات وزارات الصحة الدولية التي تم تقديمها لرعايا تلك الدول، واستعينوا بالله، واصبروا، وتوكلوا، وتصدقوا، إن الله يجزي المتصدقين، واعلموا أن من أخفى عليكم الوباء شهورًا، لن يكون حريصًا على حياتكم أكثر منكم)!
الله الله بالحياة لأجل الحياة، بالحياة لأجل ضرب صفقات بائعي الموت، بالحياة لأجل اليمن السعيد، بالحياة لأجل إحياء شعائر الله في الأرض، وفقًا لمراد الله، لا وفقًا لمراد الشيطان، ولصوص الأوطان
#كورونا