طه العامري
اجتاح وباء ( كورونا ) العالم وتابعنا أدق تفاصيل الوباء والضحايا حتى أن بالإمكان معرفة اسماء الضحايا في السند والهند والكاريبي وفي اوروباء وامريكا وادغال الامازون ، لكن أتحداكم أن تعرفوا حقيقة هذا الوباء وحجمه وضحاياه في بلاد السعيدة ( اليمن ) التي ليس لها من اسمها نصيب واستغرب كيف أطلق عليها مسمى ( السعيده ، أو اليمن ) ؟!
اجراءات احترازية تجرى ونسمع عنها هناء وهناك وعند أولئك وهولائك فالوطن مقسم الى جزر متناحرة ومتنافرة وكل جزيرة تحكم من قبل طرف والأطراف المتحكمة بخارطة للوطن لا يجمعها جامع ولا مسجد ولا رابطة ولا ( كنترول )؟
وبالتالي لم يعد المتلقي الوطني يعرف حقيقة الوباء ، نسبته ، ضحاياه ، نطاق انتشاره ، إمكانيات مواجهته ، الأمر لا يتوقف هناء فالوباء تزامن ظهوره مع مجموعة اوبيئة منتشرة في كل أرجاء الوطن من كمران في البحر الاحمر إلى سقطرى في البحر العربي وبينهما ( عدن ) وخليجها وما يجري فيها من صراعات دامية تقتل بدورها بصورة يومية ويتساقط الضحايا بالعشرات جراء الاقتتال ، ويقتل ( المكرفس) ما تيسر من الضحايا ومثله ( الكوليرا ) و( الملاريا ) وما تيسر من ( الحميات ) التي تنتشر بطول البلاد وعرضها ، ولم نعد نعرف عن الضحايا أن كان ذهبوا بفعل كورونا أو الملاريا أو الكوليرا أو المكرفس أو بقية الحميات التي تنهش بجسد المواطن وتتمدد على خارطة في مرحلة تكاد الثقة منزوعة بين مراكز التحكم المعنية وبين المواطن الذي لم يعد يعرف من هي الجهة التي يمكن تصديقها والوثوق بها والتي يمكن العودة لها ومتابعة ما يصدر عنها في ظل طغيان الاشاعات وتكتم الأطراف المعنية وغياب الشفافية وتهويل العامة وتحمسهم مع الشائعات وتناقلهم لكل ما يسوقه أصحابها ..؟!
حتى المنظمات الدولية لم تعد محل ثقة لتخليها عن واجباتها الإنسانية حين تعلق الأمر باليمن التي تنهشها الفتن والحرب والعدوان والصراعات الداخلية وهي الأشد خطرا من العدوان والحصار ، ودول عدوان مجردة من كل القيم والاخلاقيات الحضارية والإنسانية ومجتمع دولي بلغ بمواقفه أدنى مراحل الانحطاط الإنساني ..؟!
في ظل واقع كهذا يجد المواطن اليمني _ الضحية _ ووقود كل الصراعات والأوبئة ، يجد هذا المواطن نفسه في حالة تيه لا يعرف حقيقة وضعه ولا واقعه وليس له سواء رحمة الله سبحانه وتعالى وإليه يتجه بعد أن تخلى عليه الجميع وتحول الوباء إلى مادة للتوظيف السياسي الرخيص ووسيلة للكيد ونشر الشائعات وترويع وإرهاب الناس لدرجة أن صار واقعنا عبارة مجموعة من الطلاسم تحتاج لجن النبي سليمان لفك طلاسمها ، ومن اين لنا بهم ، بعد أن هزمهم شياطين الانس واجبروهم على الاعتزال والتواري ليصبح شياطين الإنس هم فرسان المرحلة وفاقوا فعلا بسلوكياتهم ومواقفهم سلوكيات ومواقف ( الجن والشياطين ) ؟!
منذ بدت جائحة هذا الوباء وانا أتابع كل الجهات المعنية في الداخل وعلى مختلف النطاقات ولم أجد جهة صادقة وشفافة في مواقفها ، بل لم ارى ولم أسمع إلا مزيدا من الشائعات وتصريحات خجولة تطلق من هناء وهناك ومطالب بالدعم الدولي ويرفع الحصار لمواجهة الوباء ، وهي مطالب حق ومشروعة ولكنها تصطدم بالنوايا والأهداف وغياب الشفافية وخاصة داخل المحافظات الجنوبية التي تتأثر بكل ما يحدث فيها سلبا أو إيجابا ، هناك حيث يفترض أن ثمة دولة أو ( شرعية ) مسنودة بإرادة دولية وباعتراف دولي والمفترض أن تكون المنظمات الدولية حاضرة وتتابع الوضع وتتحكم به وتسيطر عليه وتبلغنا اولا بأول عما يحدث ، إذا سلمنا واعتبرنا أن هنا ( سلطة انقلابية )؟!!
التي رغم كل ما يقال عنها تحاول قدر الإمكانيات المتاحة التصدي للوباء ومواجهته بما تيسر لها من الإمكانيات ، لكن للاسف يتعامل المجتمع الدولي والإقليمي بطريقة مزدوجة مع سلطة صنعاء فهي بنظرهم ( سلطة إنقلابية متمردة ) وسلطة كهذه لا يمكن التعويل عليها في مواجهة الجائحة ، فكيف تحملها المسئولية ؟!!
بعيدا عن السلطة الانقلابية ماذا فعلت سلطة ( الشرعية ) وخلفها المجتمع الإقليمي والدولي في مواجهة الجائحة والمعلومات المتناقلة تقول إن حجم الوفيات داخل عدن صارت خيالية ولا تنسجم مع حجم الإصابات المعلنة ؟! وان صحت الاخبار المتداولة عن الوفيات في أوساط دكاترة جامعة عدن فتلك كارثة تستدعي استقالة الرئيس وحكومته في أي مجتمع تحترم فيه إنسانية الإنسان وحقوق المواطن ؟!
على مدى يومين وانا أتابع اخبار وشائعات كاذبة تطبخ في مطابخ بشر تجردوا من كل القيم والاخلاقيات فالخصومة أيا كانت يجب أن تكون شريفة وتعكس قيم وأخلاقيات أصحابها ، ونشر الشائعات وتوظيفها واستغلالها سياسيا عار وعيب ودليل فشل واخفاق وإفلاس أصحابها ، فالوباء ليس فيه مجالا للشماته ولا السخرية ولا الاستغلال والتوظيف ، لهذا انا على ثقة أن هناك ما هو اخطر من الوباء علينا وهو طريقة إدارة الوباء والتعامل معه ، نعم اخطر من الوباء طريقة إدارته لأن الحياة والموت بيد الله سبحانه وتعالى ومهما كانت خطورة الوباء فإنه لن يصيب الا من سبق وكتب الله له الموت بواسطته فرحمة الله وسعت كل شيء والله هو ارحم من عباده على عباده ويعرف خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، ولاحظوا أن الوباء ظهر في الصين فتوفى فيه قرابة أربعة آلاف صيني وبضعة مئات وأصيب به ثمانيون الفا وبضعة آلاف ، وتقريبا تجاوزت الصين المحنة فيما الغرب وامريكا الذين كانوا أول من وظف الوباء سياسيا بهدف استغلال الصين والسخرية منها حد الشماته بلغت نسبة الضحايا أرقاما خيالية لان الغرب وامريكا يعوا ليمكروا بالصين فمكر الله بهم وكان مكر الله بهم عظيما ، وبالتالي على الأطراف اليمنية وعلى كل أبناء اليمن التعامل بمسئولية أخلاقية ودينية وحضارية ووطنية مع هذه الجائحة وتحمل المسئولية في مواجهتها بالوعي واحترام الذات والابتعاد عن تسويق الشائعات وكيل الاتهامات أو التوظيف السياسي الرخيص وتصفية الحسابات من خلال هذه الجائحة..اللهم أن بلغت ..اللهم فاشهد ..وحسبي الله ونعم الوكيل ..