قسوة وجحود
✍ سعاد خذابخش خان
( هذه القصة كتبتها بلسان صديق زار صديقه المريض وهي تبين معاناة الآباء والأمهات على السواء من إهمال الأولاد والأهل وجحودهم وقسوة قلوبهم )
—————-
قسوة وجحود
من الذي ضخ كل هذه القسوة في قلوب من أحببناهم ومازلنا نحبهم..؟؟
لماذا كل هذا الجحود والكراهية..؟؟
وعلى ماذا..؟؟
شيء غريب هذا اللي يحصل بيننا وفي بيوتنا..
أيعقل أن يترك أب شهم وكريم كأخي وصديقي جمال أياماً كثيرة وحيداً في بيته لا أحد يعتني به ويخدمه ويقدم الطعام له ويرعى مصالحه..؟؟
أين أولاده الذي لطالما تباهى بهم ووفر لهم كل مايحتاجونه بسخاء وأشرف على تعليمهم وزوجهم ووهب لكل واحد منهم جزء من ثروته..؟؟
أين إخوته وأخواته الذي كان لهم أباً وراعياً حنوناً بعد وفاة والدهم..؟؟
جمال هذا الإنسان الجميل وحيداً هو الآن في بيته سجيناً بين الجدران يحكي لها ويبوح بما يعانيه من جحود وقسوة الأبناء والأهل والأقارب..
زرته بعد أن أفتقدته وفتح لي الباب وياليته لم يفتح !!
فقد فتح جراح في قلبي وألم وحسرة على حاله ومايعانيه..
نعم ليته لم يفتح لي بابه..
رأيت عيون تدمع وجسد منهك وكلمات مبعثرة ينطقها بصعوبة ومع ذلك لايريد أن يحمل أحداً مسؤولية تعبه ومايعانيه مازال يحبهم رغم كل شيء.. مازال يودهم ولايريد أن يؤذيهم حتى بتنهيدة او تأفف..
لم يشكو أبداً لي أحدا بل كان يردد اللهم أسألك حسن الخاتمة والعمل الصالح بكثرة أثناء حديثنا..
قال لي : تعبت وأريد أن أرتاح ولكن ليس بيدي هذا الأمر ..
لاتحدثنا عن الأسرة ولا تسألنا عن صحتي؟؟
أريد أن أسمعك حدثنا عنك وعن أصدقائنا والناس وعن البلاد أريد أن أخرج وأتفسح وأرى الدنيا كلها من خلال كلامك..
ثم قال : ياصديقي أنا مش محتاج فلوس معي والحمدلله الكثير وصحيح أننا أجد صعوبة في شراء ماأحتاجه من وجبات وأغراض لكن أرحم الراحمين يسوق لي أحياناً ناس من الطيبين يأتون لي بما أحتاجه وأيضا جاري يرسل إبنه ليجلب لي الطعام من الخارج..
أنا أشكو الوحدة ياصاحبي أحتاج في هذا السن بعد وفاة زوجتي لإنسان أو حتى حيوان أكلمه وأتسامر معه ..صعب أن تعيش عمر لاتعرف نهايته إنه كالطريق الطويل تمشيه بلا توقف ولا تعرف شيء عن المحطة الأخيرة فيه أو حتى تعرف متى ستصل ..
هذه هي المأساة..
جمال أصيب بجلطة في الدماغ عملت له شلل نصفي بعد العلاج في المستشفى عاد إلى بيته يعاني صعوبة في تحريك يده ورجله اليمين الأمر الذي صعب عليه المشي في الشارع لخوفه الشديد من الزحمة وايضاً أن يقع على الأرض وتتفاقم حالته ولهذا أختار البقاء في البيت..
تحدثنا كثيراً في كل شيء وضحكنا ..عاش صديقي ساعات في فرح وسعادة بعدها أستأذنت منه بالمغادرة وأتفقت معه على أن أزوره يوميا ونتسامر ونتحدث لأخفف عنه مما يعانيه من جراء البقاء وحيداً في المنزل..
طلب مني أن أعاهده بأن لا أتصل بأحد من أسرته وعند خروجي من المنزل قلت له : بكرة بانتغدي مع بعض قل لي ايش خاور ؟؟
قال : بااعطيك فلوس أنا نفسي بخبز طاوه ومطفاية وشتني ..قلت له : أنت تأمر وخلي فلوسك معك أنت معزوم رد : الله يحفظك ياأعز إنسان وربي يسعدك كما أسعدتنا..
ودعته على أمل اللقاء بكرة..
9/1/2020