السودان …حزب البشير يدين قرار حلّه
دان حزب الرئيس السوداني المعزول عمر البشير الجمعة، القانون الذي أصدرته السلطات الانتقالية ليل الخميس، وقضت بحلّه ومصادرة أمواله وتفكيك النظام الذي حكم البلاد طوال 30 عاماً.
وأصدرت السلطات الانتقاليّة السودانية في وقت متأخّر ليل الخميس، قانوناً ينصّ على حلّ “حزب المؤتمر الوطني” ومصادرة أمواله ومنع رموزه من ممارسة العمل السياسي لعشر سنوات على الأقلّ، ملبّية بذلك أحد المطالب الرئيسية للحركة الاحتجاجية التي قادت إلى إطاحة نظام حكم البلاد طوال 3 عقود.
وقال حزب “المؤتمر الوطني” في بيان مقتضب، على صفحته في موقع “فيسبوك” الجمعة إنّ القانون “يعني مصادرة أملاك الحزب ووضعها في خزينة الحكومة”، معتبراً هذه الخطوة دليل “فشل تام تعاني منه الحكومة غير الشرعية. نحن لا نعترف بالسلطة الحالية ولا يعنينا أي قانون أو أي قرار يصدر منها”.
ولاحقاً أصدر الحزب بياناً مسهبا حذّر فيه من أنّ قوى الحرية والتغيير تسعى إلى “جرّ البلاد للاحتراب والفوضى وعدم الاستقرار” وتعمل على تحويل الفترة الانتقالية إلى “فترة انتقامية تغيب عنها دولة القانون والعدالة والمساواة”.
وإذ اعتبر البيان أنّ حلّ الحزب “قرار طائش”، شدّد على أنّ هذه “الأعمال العدوانية” لا تُسقط “حقّ المؤتمر الوطني في ممارسة الحياة السياسية”، لأنّه “لن يحول دوننا وشعبنا ووطننا إلا إرادة الشعب المعبّر عنها بالانتخابات”.
واستولى البشير على السلطة في 1989 في انقلاب عسكري وأطاح حكومة رئيس الوزراء المنتخب في حينه الصادق المهدي.
واندلعت التظاهرات ضد نظام البشير في 19 كانون الأول/ديسمبر، بعدما زادت حكومته أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.
وأطاحه الجيش في نيسان/أبريل، وبدأت محاكمته بتهمة الفساد في 19 آب/أغسطس.
لكنّ الاحتجاجات تواصلت للمطالبة بنقل السلطة إلى مدنيين، وأسفر توقيع اتفاق بين المجلس العسكري الذي تسلم الحكم بعد البشير وقادة الحركة الاحتجاجية في آب/أغسطس، عن تسلّم مجلس سيادي مؤلّف من عسكريين ومدنيين الحكم لمرحلة انتقالية تستمر سنتين. وقد شكّل المجلس حكومة انتقالية.
“ليس قانوناً للانتقام”
وتمّ حلّ الحزب بموجب قانون أقرّ خلال اجتماع مشترك لمجلس السيادة ومجلس الوزراء. وفي ظلّ عدم وجود برلمان انتقالي حتى الآن، فإنّ اجتماع المجلسين يقوم مقام المجلس التشريعي الذي يصدر القوانين.
وقال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك في تغريدة على “تويتر” إنّ “قانون تفكيك النظام البائد وإزالة التمكين ليس قانوناً للانتقام” بل يرمي إلى “استرداد الثروات المنهوبة من خيرات الشعب”.
وبحسب نصّ القانون، “يُحلّ الحزب وتنقضي تلقائياً شخصيته الاعتبارية ويُحذف من سجلّ الأحزاب والتنظيمات السياسية بالسودان”.
كما ينصّ القانون على “مصادرة ممتلكات وأصول الحزب لصالح حكومة السودان طبقاً لما تقرّره اللجنة” التي نصّ القانون على تشكيلها لهذا الغرض.
ومن مهام اللجنة أيضاً إعادة النظر بكلّ التعيينات التي تمّت في عهد البشير في إدارات عامة أو خاصة لم تستند إلى معيار الكفاءة بل كان دافعها الولاء الحزبي أو السياسي أو القرابة العائلية، وهو ما اصطلح على تسميته سياسة “التمكين” التي انتهجها الإسلاميون عقب تسلّم البشير السلطة، لأنّ هدفها كان تمكين أنصارهم من مفاصل السياسة والاقتصاد والمجتمع في البلاد.
ويتضمّن القانون الذي أقرّ الخميس مادّة باسم “العزل السياسي” تنصّ على أنّه “لا يجوز لأيّ من رموز نظام الإنقاذ أو الحزب ممارسة العمل السياسي لمدة لا تقل عن عشر سنوات”.
“النظام العام”
وخلال اجتماعه الذي استمرّ ساعات عديدة أقرّ المجلس المشترك قانوناً آخر ألغى بموجبه “قانون النظام العام” المثير للجدل، ملبّياً بذلك أحد المطالب الأساسية للمنظمات الحقوقية والنسوية التي كانت ترى في هذا القانون انتهاكاً لحقوق المرأة وإذلالاً لها.
وخلال حكم البشير، تعرّضت النساء خصوصاً للعنف بسبب “قانون النظام العام” المطبّق منذ 1996 والذي يقيّد الحريات العامة والفرديّة وينصّ على عقوبات مشدّدة مثل الجلد والسجن لفترات تصل لخمس سنوات وغرامات مالية كبيرة.
وصباح الجمعة قال حمدوك في تغريدة تعليقاً على إلغاء قانون النظام العام “أبعث بتحية فخر وإعزاز لنساء وشابات وشباب بلادي الذين تحمَّلوا فظائع تطبيق هذه القوانين عليهم”.
من ناحيتها قالت منظمة العفو الدولية إنّ إلغاء قانون النظام العام “خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة لحقوق المرأة في السودان”.
وأضافت في بيان “على الحكومة الانتقالية الآن أن تضمن إلغاء النظام العام القمعي برمّته”.
وبحسب منظّمات حقوقيّة، فقد استخدم نظام البشير قانون النظام العام سلاحاً ضدّ المرأة خصوصاً، إذ كانت قوات الأمن تعتقل النساء لأسباب مثل حضور حفلات خاصّة أو ارتدائهن سراويل.
وكان البشير أقرّ في خضمّ التظاهرات التي اندلعت ضد نظامه بأنّ “الذين خرجوا إلى الشوارع شباب، وغالبيتهم فتيات”، وبأنّ قانون النظام العام هو “واحد من أسباب تفجّر غضب الشباب”.
والبشير موقوف منذ إطاحته، ويحاكم حالياً بتهمة فساد مالي، كما أنّ العديد من أركان نظامه وحزبه في السجن.
رويتز +المملكة + أ ف ب