مطاعن الانتخابات والتحول الديمقراطي في الجمهورية اليمنية
بالتعاون مع ملتقى الباحثيين السياسين العرب
أ:سميرعبد الرحمن
أ:هائل الشميري
جامـعة عـدن
ملخص
التجربة الديمقراطية في اليمن لم تستطع الوقوف على قدميها فهي تترنح ما بين التقليدية والحداثة، ما بين الشمولية والحرية ، ما بين الظلم والإنصاف ، ما بين المدنية والعسكر تارية ، وما بين المواطنة الواحدة والعصبية القبلية ، وما بين الباطل والحق ، وما بين القوانين والمؤسسات ونواميس الفوضى والفساد والتناشز القيمي والأخلاقي ، تترنح ما بين الصورة الوردية للديمقراطية والانتخابات والمصطلحات الكثيفة والملافظ المنمقة والمشاهد العابسة والحزينة الملفعة بالعنف وذهنية الحبس وقعقعة السيوف وثقافة الخوف وصراع غاشم خارج حلبة التفاهم والحوار والتسامح وتغليب نهج المصلحة على نهج الديمقراطية والانتخابات والقيم الحميدة .
تتهاطل الأسئلة القلقة علينا ، وثمة سؤال يدحرج نفسه :
– هل يستطيع العطار إصلاح ما أفسده الدهر ؟!!
ففي هذه الرقعة الصغيرة من الورقة سنعرض القسمات الجوهرية لموضوع التحول الديمقراطي . أما المشكلة التي تؤرقنا وتطحن عظامنا في قلب الليل وخبيص النهارهي : الانتخابات والتحول الديمقراطي في اليمن .
ستجيب الورقة على التساؤلات التالية :
هل تراوح التجربة الديمقراطية في مكانها بخطوات ملجومة ؟
هل ساهم التحول الديمقراطي في النماء أم أنه ترك بصمة في الخراب والبؤس العام ؟
ما أهم المطاعن في الانتخابات والتجربة الديمقراطية اليمنية ؟
هذه أسئلة تعصف بذهني وتمثل غيضاً من فيض ، فلا بد من النظر إلى أبعد من ظل الأقدام ، ولا بد من الغوص في القسمات الجوهرية لهذا الموضوع الذي سيكون محل قراءة ومدارسة في هذه الورقة السريعة التي ولدت ولادة قيصرية في مناخ من الضغوطات وضيق الوقت .
وهيكلة الورقة تتضمن النقاط التالية :
مداميك وأسس التحول الديمقراطي .
التعديلات الدستورية والعراك السياسي .
الانتخابات وتعميق النهج الديمقراطي .
مطاعن التحول الديمقراطي وعثراته .
سيناريو التجربة الديمقراطية على المدى المنظور .
توطئة :
التجربة الديمقراطية في اليمن لم تستطع الوقوف على قدميها فهي تترنح ما بين التقليدية والحداثة ، ما بين الشمولية والحرية ، ما بين الظلم والإنصاف ، ما بين المدنية والعسكرتارية ، وما بين المواطنة الواحدة والعصبوية القبلية ، وما بين الباطل والحق ، وما بين القوانين والمؤسسات ونواميس الفوضى والفساد والتناشز القيمي والأخلاقي ، تترنح ما بين الصورة الوردية للديمقراطية والانتخابات والمصطلحات الكثيفة والملافظ المنمقة والمشاهد العابسة والحزينة الملفعة بالعنف وذهنية الحبس وقعقعة السيوف وثقافة الخوف وصراع غاشم خارج حلبة التفاهم والحوار والتسامح وتغليب نهج المصلحة على نهج الديمقراطية والانتخابات والقيم الحميدة .
تتهاطل الأسئلة القلقة علينا ، وثمة سؤال يدحرج نفسه :
– هل يستطيع العطار إصلاح ما أفسده الدهر ؟!!
ففي هذه الرقعة الصغيرة من الورقة سنعرض القسمات الجوهرية لموضوع التحول الديمقراطي . أما المشكلة التي تؤرقنا وتطحن عظامنا في قلب الليل وخبيص النهارهي : الانتخابات والتحول الديمقراطي في اليمن .
ستجيب الورقة على التساؤلات التالية :
هل تراوح التجربة الديمقراطية في مكانها بخطوات ملجومة ؟
هل ساهم التحول الديمقراطي في النماء أم أنه ترك بصمة في الخراب والبؤس العام ؟
ما أهم المطاعن في الانتخابات والتجربة الديمقراطية اليمنية ؟
هذه أسئلة تعصف بذهني وتمثل غيضاً من فيض ، فلا بد من النظر إلى أبعد من ظل الأقدام ، ولا بد من الغوص في القسمات الجوهرية لهذا الموضوع الذي سيكون محل قراءة ومدارسة في هذه الورقة السريعة التي ولدت ولادة قيصرية في مناخ من الضغوطات وضيق الوقت .
وهيكلة الورقة تتضمن النقاط التالية :
مداميك وأسس التحول الديمقراطي .
الانتخابات والتعديلات الدستورية .
مطاعن التحول الديمقراطي وعثراته .
سيناريوهات التجربة الديمقراطية على المدى المنظور .
مداميك وأسس التحول الديمقراطي :
الديمقراطية كلمة لامعة تشعشع في فضاء عالمنا اليوم بتلاوينها الطيفية ، فلها بريق ساحر يتغلغل في صميم وجدان الشعوب ، وتحافظ على تآكل شرعية بعض الأنظمة الشمولية التي تتمترس خلف ستار سميك من شعارات الزينة والمعزوفات الديمقراطية الآسرة للقلوب ، فهي عنوان بارز في صخب السياسة وبريق الإعلام للفوز بعواطف الناس وإلهاب مشاعرهم .
ولم تستغل كلمة في تاريخ الفكر السياسي بقدر ما استغلت كلمة الديمقراطية ، ولعله لم يهدر معنى أو يشوه بقدر ما حدث لها ، فقد تمسحت بها كل النظم بما فيها اعتاها استبداداً وأكثرها إهداراً لحقوق الإنسان . (1)
فالديمقراطية كلمة أنيقة تهمس نغماً وخادعة في الوقت عينه ، أفرطت نخب في استخدامها واستخدمت على غير مقاصدها ، ولا تجد بعض النخب حرجاً في لي عنقها واستباحة حرمتها ، واستخدمت كمشجب يعلق عليها الغسيل المتسخ ، وسط حشد كثيف من الملافظ البراقة والعبارات المنمقة. فهي كلمة غامضة وواضحة وسهلة الاستخدام ومرنة إلى درجة استعمالها في مآرب جارحة لمعناها .
ولقد لخص معناها المفكر الفرنسي موريس دوفرجيه بقوله أن الديمقراطية تعني :
أن يختار المحكومون نظام الحكم وحاكميهم عن طريق الانتخاب .(2)
فجان بول بوكاسا إمبراطور أفريقيا الوسطى السابق ، كان يعتبر نفسه ديمقراطياً ، وفي الضفة الأخرى كان يمارس دكتاتورية مفرطة في العنف وسلوكاً مشيناً تقشعر له الأبدان ، حيث كان يقتل معارضيه ويأكل لحم البشر وكان أشد ولعاً بأكل لحوم الأطفال .
موبوتو سيسي سيكو كان ديمقراطياً على طريقته الخاصة في الكونغو ( زائير ) ، وتلطخت يداه بدماء الشرفاء وهو صاحب الجريمة البشعة التي أدت إلى مقتل الزعيم الكونغولي المشهور باتريس لوممبا ، وقدرت ثروته بما يربو على 4 مليارات دولار .
هتلر و موسوليني ، صاحبا نظامين فاشيين وعنصريين ، مارسا الإرهاب والعنف والدمار والوحشية الفاحشة ، واعتليا سلالم السلطة عبر الانتخابات الديمقراطية ، واعتبرا نظاميهما ديمقراطيين وإنسانيين وخاليين من الآثام والشبهات .
بول بوت في سبعينات القرن العشرين كان يعتبر نفسه ديمقراطياً لا دكتاتورياً ، فكان يطمح أن يحرر المجتمع الكمبودي من الاستغلال ، ويريد تنظيف المجتمع من الشوائب والمساوئ ، فهجر عدة ملايين من المدينة إلى الريف للاشتغال هناك ، وعمل باتجاه القضاء على الفوارق ما بين المدينة والريف بطريقة فجة ونزقة ، وقتل ما يربو على مليون مواطن كمبودي ليمهد الطريق لإقامة مجتمع العدالة والديمقراطية والمساواة ، وعمل على إبادة المثقفين والأطباء والعلماء والمترجمين والموسيقيين والفنانين والرسامين والشعراء لتطبيق المساواة في المواهب والأذواق والملكات ، ومن أجل خلق مجتمع نظيف لا فوارق طبقية ولا اجتماعية فيه ، ينعم بالعدالة والإنصاف والأمن والأمل .(3)
فقد أثبت التاريخ أن أشنع الجرائم تركب باسم أنبل المبادئ ، وعلى يد رجال هذه المبادئ أنفسهم الداعيين إليها . فقد ارتكبت ( جرائم عهد الإرهاب ) في فرنسا على أيدي مبادئ الحرية والإخاء والمساواة ، وارتكب بول بوت جرائمه في كمبوديا باسم نفس المبادئ التي تدعو إلى حرية الإنسان الاقتصادية والسياسية ، ويرتكب الحكام السياسيون جرائم اضطهاد الرأي المعارض تحت أسمى المبادئ الإنسانية وشعارات حماية مصالح البلاد وحريتها وكرامتها باسم حماية الديمقراطية .(4)
وبما أن موضوع الديمقراطية شائك فيه شيء من التلبك والالتباس لا بد من تحديد شروط ومداميك الأنظمة الديمقراطية لإنارة مضائق الأذهان ولفض الاشتباك المعرفي ولمزيد من الاستنارة .
فثمة شروط للأنظمة الديمقراطية على همزة وصل قوية بالتحول الديمقراطي ، وشروط الحد الأدنى لأي نظام ديمقراطي :-
أ. التسليم بإمكانية وجود المعارضة من حيث المبدأ .
ب. وضع آليه لتداول السلطة التنفيذية سلمياً وقانونياً .
ج. مراعاة الحكم وتحسسه رأي وإرادة الأغلبية في الحكم .(5)
فالديمقراطية والتحول الديمقراطي تحتاج إلى أرضية مناسبة ممهدة لنظام ديمقراطي عادل ، فتطبيق أسس الديمقراطية في ظل غياب الأسس والمبادئ الأولية الممهدة لنظام ديمقراطي يؤدي إلى تشويه المؤسسات والخطوات الديمقراطية وإلى الفوضى ، التي قال عنها عالم الاجتماع العربي عبد الرحمن ابن خلدون : مهلكة للبشر مفسده للعمران . (6)
فتخريب العمران يبدأ أساساً من لحظة سقوط هيبة الدولة العادلة والتي تعتبر من الأساسيات المهمة والملحة لقيام نظام ديمقراطي قوي ، فالدولة التي نقصدها هي الدولة الديمقراطية العادلة التي تحافظ على مسيرة الديمقراطية وعلى الأمن والأمان وتحقق الاستقرار والعدالة والتوازن والسكينة والوئام المدني . فيتعذر قيام ديمقراطية سليمة تستقيم على قدميها دون دولة ومؤسسات ديمقراطية منتخبة عادلة.
والمؤسسات الديمقراطية – تلك المؤسسات المنتخبة من قبل الشعب والتي تمارس سلطانها على المبادئ الديمقراطية ، فتكون الديمقراطية عنواناً بارزاً في حياتها ومتغلغلة في نسيج مناشطها اليومية وفي بنائها الهرمي مثل : البرلمان الفعال والمستقل الذي يكون صدى لصوت الشعب ، ويعتمد البرلمان على حسن الانتخاب لأعضائه من قبل الناخب اللبيب .
وعلى سياق متصل ، فالثقافة والوعي من المقدمات الأساسية لأي حراك ديمقراطي متزن وسليم، فالوعي والثقافة والعلم تتقاطع هذه المفردات مع الأمية والجهل التي تصيب الأمة بمقتل فتفقد بوصلة التمييز وتنخرط في ممارسات وسلوكيات تهدد كيان المجتمع وتضرب الحراك الديمقراطي في الصميم .
شيخ الإسلام أحمد تقي الدين ابن تيمية ( 660-768هـ ) ، الذي سماه الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي بالفقيه المعذب ، كان يرى : ” أن الجهل والظلم أصل كل شر ” ، والعلامة اليمني المجتهد محمد بن علي الشوكاني ( 1760-1884 م ) يقول أن : ” المصاب بالعمى لا يقود الأعمى ” .
فالجهل يلتهم مساحة الديمقراطية والحوار والتسامح ويصيب الأمة بالتصدعات والتقهقر والهزال المعرفي. فالجهل من الأعطاب الكبرى في حياتنا يبعدنا عن الممارسات الديمقراطية الصائبة ، يبعدنا عن العصر ويجعلنا دائماً على حافة الخطر نقدم على مغامرات خرقاء تثير العبوس .
فنحن بأمس الحاجة إلى مقدمات تمهد الطريق للتحول الديمقراطي وعلى رأسها :
دولة الحق والقانون ، النوايا الحسنة للنخب المتسيدة ، والتعليم والثقافة الديمقراطية ، والنمو الاقتصادي والاستقرار المعيشي ، والأدوار المتميزة للصفوات والنخب ، ومؤسسات المجتمع المدني التي تضرب أمثولة في النقاء والممارسة الديمقراطية .
فلا يمكن أن توجد ممارسات ديمقراطية محمودة إلا بثقافة سياسية معتبرة . فكلما تفاقمت الاحترابات والتشظيات والخروم و التخبطات في نسيج العلاقات الاجتماعية والسياسية وفي شريان المجتمع ، كلما دلل ذلك على هشاشة البناء الديمقراطي والضعف المزمن للثقافة السياسية وروح التسامح وهيئات الضبط واستفحال أوبئة الجهالة والتحجر والتقهقر .
وهناك عوامل متلاحمة تساعد على خلق البيئة المناسبة للديمقراطية وتعزز مؤسسات الحكم الديمقراطي ، ويمكن إجمال أهم هذه العوامل فيما يلي :-
وضع دستور ديمقراطي .
أن تكون الدولة قانونية بمعنى احترام مبدأ سيادة القانون والمساواة القانونية .
احترام حقوق الإنسان .
نشر التعليم .
احترام حرية التعبير .
السماح بنشاط التنظيمات الاجتماعية والمهنية والسياسية .
الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وممارسة الرقابة على أجهزة الحكم .
إقرار التعددية السياسية على أسس غير قبلية أو مذهبية .
تأمين الحاجات الأساسية لجميع المواطنين .
10.خلق روح المواطنة والانتماء إلى الدولة .
11.نشر الثقافة السياسية لترسيخ المفاهيم الديمقراطية . (7)
فالتسرع في تطبيق الخطوات الديمقراطية مع سوء النية للي عنقها من قبل النخب المتنفذة ودون توفير الأسس الكافية للممارسة الديمقراطية ( خاصة دولة النظام والقانون ) قد أصاب التحول الديمقراطي بمقتل وشوه العملية الديمقراطية التي سلبت روحها وأصيبت بالهزال ، فتعالت أصوات السخرية من قبل بعض جماعات وأفراد بالديمقراطية وشعاراتها ، ولقد كتب أحدهم في وقت مبكر من ولادة الديمقراطية:-
إن الديمقراطية في اليمن ديمقراطية لا مثيل لها في العالم لأنها تعطي الإنسان الحق في حمل السلاح بكافة أنواعه الخفيفة والثقيلة كيفما يشاء وأينما يشاء في حرية لم يشهد لها العالم مثيلاً ، إذ أنه يحق لأي إنسان مهما كان مركزة أن يقول كلمة الحق دون خوف بشرط ألا تحمل من الحقيقة بقدر ما تحمل من المحاباة ، وألا تضر هذه الحقيقة بالمصلحة الوطنية تتوخى بأن تكون في كلامك متفاخراً بوطنك حتى لو لم يكن فيه شيء تفتخر به . الديمقراطية في اليمن تجربة رائدة يثبتها لنا بقاء المسئولين في السلطة سنين طويلة متمسكين بمقاعد لا يستحقونها . فالإنسان اليمني يتمتع بالبطالة والتي لا يتمتع بها أي شخص آخر في الدول المجاورة .
الإنسان اليمني بإمكانه أن يتمتع بمنجزات الثورة المجيدة . من حقه أن يمشي في الطريق التي شيدته الدول اليهودية والنصرانية وأن يعالج في مستشفى بنته العراق أو الكويت ، وأن يتعلم في مدارس بنتها الدول الصديقة والشقيقة . من حقه أن ينظر إلى بيوت ومشاريع المسئولين التي لم تبنها أي دولة شقيقه أو صديقة لاعتبار ذلك خيانة عظمى . الديمقراطية في اليمن تحمل شعار واحد (( الصدقات للشعب .. وأموال الشعب للنهب )) . ولهذا يتوافد السياح كل عام من الدول لرؤية النهج الديمقراطي والحياة الديمقراطية التي يعيشها الشعب اليمني . وكلما رأى أحوالنا أحد منهم أصبح يترحم على أيام ((موسوليني)) و ((نيكولاي تشوسيسيكو )) . (8)
بوجه عام تستغل بعض النخب عدم نضج مقومات الديمقراطية وترنحها فتقزم قامتها بطريقة مقصودة وتحاربها بصورة مستترة وتتفنن في تشويه صورتها ، وهذه النخب هي التي كانت ترفض الديمقراطية على اعتبار أن المجتمع اليمني متخلف تطغى فيه النزعات القبلية والعشائرية وفسح المجال للديمقراطية سيخلق التشظيات الاجتماعية والسياسية وستمزق جسم المجتمع وستفكك صواميل اللحمة الوطنية .
وفي هذا المنحى ، يشير المفكر العربي محمد عابد الجابري إلى أنه :
أجلت الديمقراطية في الوطن العربي مرتين : مرة أثناء كفاح الأقطار العربية من أجل استقلالها ، ومرة بعد حصولها على الاستقلال مباشرة . كان الدافع إلى تأجيلها في المرة الأولى هو إعطاء الأولوية للقضية الوطنية ، قضية الاستقلال باعتبار بأنه لا ديمقراطية تحت الحكم الأجنبي . أما في المرة الثانية فكان تأجيلها بدافع إعطاء الأولوية لبناء الاستقلال وتحقيق التنمية .(9) أما الآن بعد أن دلفت أقطار عديدة في التحولات الديمقراطية صار من المهام المحورية لبعض النخب المتنفذة : كيفية ابتلاع الديمقراطية والسيطرة على مكوناتها وممارسة لعب سياسية تحت يافطة الديمقراطية لتحويل الديمقراطية إلى شمولية بثوب ديمقراطي قشيب .
وما يمكن التأكيد عليه هو أنه ، يمكن ممارسة الديمقراطية حتى في أحلك الظروف ، وهذا يتوقف على مدى جدية القوى الفاعلة في الساحة الديمقراطية واقتناع الهيئات والنخب بالديمقراطية ودرجة ثقافتها وإيمانها بالحوار والتسامح والمشاركة والتعددية السياسية والاجتماعية والثقافية والحزبية واعترافها بالآخر للمشاركة في الحكم وفي الفضاء السياسي والاجتماعي العام ، وبالانتخابات والتناوب السلمي للسلطة وبدور وفعالية منظمات المجتمع المدني والهيئات النظامية في القيام بواجباتها وذلك بضبط إيقاع الحياة بطريقة عادلة ومتقنة .(10)
فالتحول الديمقراطي يحتاج إلى :
اقتناع الهيئات النظامية والنخب المتنفذة بالديمقراطية والتناوب السلمي للسلطة .
بناء دولة ديمقراطية مستندة على النظام والقانون والشرعية الدستورية والقانونية .
الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي .
النمو الاقتصادي والاستقرار المعيشي .
شيوع التعليم والثقافة وزيادة مستوى الإدراك والمعرفة لدى عامة الناس .
فصل السلطات وألا تطغى السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية .
فعالية الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وممارستها للديمقراطية الداخلية كنموذج يحتذى به في المجتمع .
سيادة الدستور الذي يؤكد أن الشعب مصدر السلطات ومن الدستور تنبجس النظم والقوانين واللوائح العادلة .
الانتخابات الديمقراطية النزيهة للهيئات النظامية والمدنية على السواء .
10.المواطنة الواحدة وسمو سلطان العدالة على سلطان القوة ومؤسسات العنف .
11.تحييد مؤسسات القوة وجعل هذه المؤسسات وطنية لا تتبع الأهواء ولا الأشخاص ولا الجماعات ولا الأحزاب ولا تتدخل في الصراعات الانتخابية والسياسية إلا بقانون لحماية الدستور والشرعية المنتخبة .
12.احترام حقوق الإنسان والحريات العامة .
13.حرية القول والرأي والعقيدة وتداول المعلومات وإطلاق حرية الصحافة والإعلام والثقافة و الاجتهاد والنقد المسئول والمحتشم واحترام الرأي والرأي الآخر .
14.احترام التعددية السياسية والحزبية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
15.الاعتراف بمبدأ الأغلبية في الحكم واحترام حقوق الأقلية في المعارضة .
16.فعالية المؤسسات المدنية والسياسية وحرية نشاطها .
17.نزاهة واستقلالية القضاء .
18.الاعتراف بحقوق المرأة وفسح المجال لمشاركتها في غميس العملية الديمقراطية وفي الفضاء الديمقراطي والحياتي العام .
2.الانتخابات والتعديلات الدستورية :
أ. الانتخابات :
الانتخابات أداة من أدوات تغيير السلطة بطرق ديمقراطية ، بحيث يصل الحكام إلى سدة الحكم عبر صندوق الاقتراع ، على خلاف الطرق والوسائل الأخرى التي توصل الحكام إلى قمة الهرم السلطوي إما عن طريق القوة والانقلابات العسكرية والحروب الأهلية أو عبر الوراثة والصيغ الدينية والتقليدية المتعارف عليها في تاريخ الأنظمة السياسية .
الانتخاب حق طبيعي يمارسه الفرد بكل حرية ويختار من يراه مناسباً لممارسة السلطة ، كما أن من حقه أن يمتنع عن ذلك . وهناك من يعتقد بأن الانتخاب وظيفة اجتماعية مستنداً إلى مبدأ سيادة الأمة بدلاً عن مبدأ السيادة الشعبية ، وأن الأفراد الذين يمارسون عملية التصويت والانتخاب إنما يقومون بذلك نيابة عن الأمة ويؤدون وظيفة وليس حق . وحسب الشروط المنصوص عليها في قوانين الدولة . كما أن هناك من يرى أيضاً بأن الانتخاب ليس بحق ولاوظيفة اجتماعية وإنماهوسلطة قانونية مصدرهاالأساسي الدستور .(11)
والانتخابات إما أن تكون مباشرة أو غير مباشرة ، وتتخذ أسلوب نظام الأغلبية المطلقة أو نظام التمثيل النسبي ، ولها شروط وضوابط قانونية منها :
الجنسية ، الأهلية العقلية ، والصلاحية الأدبية ، العمر ، والجنس ، والعنصر ، والثروة ، والتعليم .(12)
ودستور الجمهورية اليمنية يتناغم مع المبادئ الأساسية للانتخابات في كل الأصقاع وهي :
مبدأ سرية الانتخاب .
مبدأ عمومية الانتخاب .
مبدأ حرية الانتخاب .
مبدأ شخصية الانتخاب .
مبدأ المساواة في الانتخاب .(13)
والنظام الانتخابي في الجمهورية اليمنية يعتمد على نظام الأغلبية المطلقة ، حيث يفوز في الانتخابات من تحصل على أغلب الأصوات حتى وإن كانت أقل من 50% ، ويعتمد هذا النظام على تقسيم البلد إلى دوائر انتخابية حيث يمثل كل دائرة الفائز بأغلبية الأصوات …
أما النظام الانتخابي الآخر فيسمى التمثيل النسبي ، وقد طبق لأول مرة في بلجيكا عام 1889م ، وتطبقه الآن 57 دولة . إن الميزة الرئيسية لهذا النظام هي الإنصاف فحينما تكون المقاعد التي حصلت عليها مختلف القوى السياسية متناسبة مع قوتها الانتخابية فإن التمثيل آنذاك يتسم بالإنصاف ، وينص التمثيل النسبي على الاقتراع لصالح القوائم الحزبية الأمر الذي يعني في غالب الأحيان أن الأفكار وليس الشخصيات أو المرشحين بصفتهم الفردية تكون مركز الاهتمام خلال الحملة الانتخابية .
حيث يحصل كل حزب على مقاعد في البرلمان حسب عدد الأصوات التي حصل عليها على المستوى الوطني لأن البلد كله يعتبر دائرة انتخابية .(14)
فنظام الأغلبية المطلقة للانتخابات المعمول به في الجمهورية اليمنية غير مرغوب به من قبل أحزاب المعارضة لأنه من وجهة نظرها أفرز عدداً من المشاكل في العملية الانتخابية وأهمها :
أ. عدم التكافؤ بين ما يحصل عليه الحزب من أصوات مع ما يحصل عليه من مقاعد في البرلمان.
ب. يعمل هذا النظام على إضعاف الأحزاب .
ج. عدم قدرة النظام الانتخابي على تمثيل بعض الفئات التمثيل المطلوب .
د. يساعد النظام الانتخابي على سيطرة الحزب الحاكم على السلطة .(15)
ومن خلال النظام الانتخابي الحالي ( نظام الأغلبية المطلقة ) ، رسخ الحزب الحاكم ( المؤتمر الشعبي العام ) أقدامه في السلطة حيث أنه يفوز بنصيب الأسد في الانتخابات :
– في انتخابات 27/4/1993م ، تحصل على 143 مقعداً ( من 301 مقعد في البرلمان ) وبنسبة 47.5% ( هذا قبل حرب صيف 94 ) عندما كان التوازن لا زال موجوداً في السلطة .
– في انتخابات 27/4/1997م ، تحصل على 187 مقعداً وبنسبة 62.54% .
– في انتخابات 27/4/2003م ، فاز بـ229 مقعداً وبنسبة 76.08% .
– في انتخابات المجالس المحلية 27/4/2003م ، فاز بمقاعد في المجالس المحلية بمحافظات الجمهورية بعدد 315 مقعداً بنسبة 74.12% ، أما على صعيد المجالس المحلية في المديريات فقد تحصل على 5078 مقعداً بنسبة 73.57% .
فمن خلال البيانات السالفة الذكر يتضح أن الحزب الحاكم ( المؤتمر الشعبي العام ) يفوز بأغلبية مريحة في الانتخابات البرلمانية وانتخابات المجالس المحلية ، خاصة بعد انهزام الشريك في الوحدة الحزب الاشتراكي اليمني في حرب صيف 1994م ، حيث كانت نسبته في الانتخابات البرلمانية الأولى 27/4/1993م ، 47.5% ، حيث كان لا يزال التوازن موجوداً في السلطة والمجتمع .
لقد سعى الحزب الحاكم من النظام الانتخابي الحالي إلى :
أ. الاحتكار المطلق للسلطة من خلال الفوز في جميع الانتخابات بأغلبية تتجاوز الثلثين .
ب.تحديد سقف محدد لنفوذ خصومه في البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة حيث يقفون عند سقف لا يتجاوز 20% ، وهي نسبه لا تمكن المعارضة من أن تعيق أي إجراء أو سلوك تمارسه السلطة .
ج. المحافظة على المعارضة تحت السقف المذكور للمحافظة على الشكل الديمقراطي للنظام الذي يمنحه الشرعية الداخلية والخارجية .
د. التضييق على المعارضة بوسائل كثيرة وجعلها في حاجة دائمة للسلطة خاصة في الجوانب المالية.
ه.السيطرة المطلقة على موارد الدولة وتسخيرها في خدمة الحزب الحاكم خاصة فيما يتعلق بالموارد المالية والإعلام وهما من أهم العوامل التي تضمن للسلطة الديمومة .
و. إضعاف السلطة القضائية وجعلها ملحقة بالسلطة التنفيذية بما يمكنها من استخدام هذه السلطة في قمع وإضعاف المعارضة لها .
ز. جعل جميع الوظائف العليا والوسطى وحتى الوظائف العامة في بعض الحالات حكراً على أعضاء الحزب الحاكم ، مما يعني إضعاف أحزاب المعارضة .(16)
شهدت الجمهورية اليمنية منذ قيامها في 22مايو 1990م ، العديد من الاستفتاءات على الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية وانتخابات المجالس المحلية وانتخاب المحافظين :
أ. الاستفتاء على الدستور :
– 15-16 مايو 1991م – الاستفتاء على دستور دولة الوحدة .
– 20 فبراير 2001م – الاستفتاء على التعديلات الدستورية ( تم تعديل 13 مادة من الدستور) .
ب. الانتخابات البرلمانية :
– انتخابات 27 ابريل 1993م – اشترك فيها 22 حزباً سياسياً .
– انتخابات 27 ابريل 1997م – اشترك فيها 12 حزباً سياسياً ( قاطعها الحزب الاشتراكي اليمني).
– انتخابات 27 ابريل 2003م – اشترك فيها 23 حزباً سياسياً .
ج. الانتخابات الرئاسية :
– 23 سبتمبر 1999م .
– 21 سبتمبر 2006م .
د. انتخابات المجالس المحلية :
– 20 فبراير 2001م – انتخابات المجالس المحلية الدورة الأولى .
– 21 سبتمبر 2006م – انتخابات المجالس المحلية الدورة الثانية .
ه. انتخاب المحافظين من قبل المجالس المحلية :
– 17 مايو 2008م – انتخاب المحافظين من قبل المجالس المحلية الدورة الأولى .
فالانتخابات على كثرتها منذ قيام الوحدة اليمنية عام 1990م ،لم تقم في مواعيدها المحددة لقد تميزت بالاضطراب والتقلب وعدم الالتزام بالمواعيد الدستورية والقانونية وأبرز مثال على ذلك أن الانتخابات البرلمانية للدورة الرابعة كان من المقرر أن تقام 27 ابريل 2009م إلا أنها أجلت إلى 27 ابريل 2011م ، وقبل ذلك :
لم تعقد أول انتخابات برلمانية إلا بعد مرور حوالي ثلاث سنوات على تأسيس الجمهورية اليمنية. كما أن أول انتخابات رئاسية غير مباشرة ومن قبل برلمان منتخب عقدت في أكتوبر 1994م، في الوقت الذي كان من المفترض فيه أن يتم عقد دورة انتخابية برلمانية عام 2001م ، فإنه تم التمديد للمجلس لسنتين بحيث لم تعقد إلا في 2003م ، ولم تعقد أول انتخابات للمجالس المحلية إلا في عام 2001 م، وذلك بعد أكثر من عشر سنوات من التأجيل. وفي الوقت الذي كان من المفترض أن يتم عقد دورة انتخابية ثانية للمجالس المحلية بعد ثلاث سنوات فإنه تم التأجيل مرتين والتمديد للمجالس المنتخبة حتى وصلت فترة خدمتها ست سنوات وبحيث لم تجر الدورة الثانية إلا في عام 2006م ،وحدث نفس الأمر بالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية . ففي الوقت الذي كان من المفترض أن تنتهي فترة خدمة الرئيس في عام 2003م بحيث لا يحق له الترشيح مرة ثانية فإن التعديل الدستوري الذي تم إجراءه في عام 2001م قد أجل الانتخابات ثلاث سنوات ومدد فترة خدمة الرئيس إلى سبع سنوات وأعتبر فترة الرئيس الثانية هي فترته الأولى .(17)
ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك خطأ جسيم يهيمن على بصيرة الرأي العام ويقع فيه كثرة كاثرة من الناس عندما يعتقدون أن الديمقراطية هي انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية فقط ، غير آبهين من أن الانتخابات هي فرع من تفريعات الديمقراطية وليست الديمقراطية برمتها .
فالديمقراطية مفهوم شامل يتغلغل في نسيج المجتمع والنظم السياسية والاجتماعية والثقافية والسيكولوجية ، وتتجسد الديمقراطية في سلوكيات وأخلاق وعادات وتقاليد المجتمع وفي المؤسسات الرسمية والمدنية .
فالديمقراطي ديمقراطي أكان في السلطة أو في المعارضة ، والشمولي شمولي وإن أدعى الديمقراطية ، فإن رائحة العنف والاستعلاء والتسيد والإقصاء تنبعث من مسامات جلده وإن لبس ثوب الديمقراطية الأنيق.
كلما نريده ألا تقتصر الديمقراطية على الانتخابات فقط ، ويتم إهمالها في العائلة والمدرسة والبيئة الاجتماعية والمؤسسات والهيئات النظامية ووسائل الاتصال والثقافة والتنوير . ولعل أهم المعضلات الدفينة والشاقة في المسيرة الديمقراطية الانفصال الكلي أو الجزئي ما بين الأقوال والأفعال ما بين الدستور والأنظمة والقوانين وتطبيقها على أرض الواقع . وما يزيد الأمر تعقيداً أن المتشبثين بالشعارات الديمقراطية والمبشرين بفجرها الجميل يتعاملون مع الديمقراطية والانتخابات بطريقة ملتوية تبعث الغثيان في النفوس ، فهؤلاء ينادون بالديمقراطية والمواطن المتساوية وحقوق الإنسان ، ولكنهم يستخدمون هذه المفردات لغواية العامة ويمارسون قمعاً مادياً ورمزيا وشمولية غليظة على الآخرين.(18)
فلا تقاس الديمقراطية بالدستور والقوانين وعدد الأحزاب والمنظمات والهيئات المدنية وعدد الصحف والمجلات والدورات الانتخابية فقط ، وإنما تقاس بما تقدمه الديمقراطية للشعوب من حرية وكساء وغذاء ودواء وأمن وتنمية وسكينة اجتماعية وروحية ونماء وكرامة للإنسان .
ب. التعديلات الدستورية :
لقد حدثت تعديلات دستورية في دستور الجمهورية اليمنية ولعل أبرزها التعديل الدستوري الكبير الذي حدث بعد حرب صيف 1994م ، الذي أنهزم فيها الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان حاكماً للجنوب ما قبل الوحدة ، حيث تم تعديل ( 80 مادة من أصل 131 مادة في الدستور ) وبقرار من البرلمان في 28 سبتمبر 1994م ( ولم يخضع لاستفتاء دستوري من قبل الشعب)، ثم تلى ذلك التعديل الدستوري الثاني الذي تم الاستفتاء علية في 20 فبراير 2001م حيث تم تعديل ( 13 مادة من الدستور).
ومن المؤكد أن تتم تعديلات دستورية قادمة قبل الانتخابات البرلمانية التي ستعقد في 27 ابريل 2011م.
فمنذ نشوء دولة الوحدة برزت بقوة مظاهر القلق التشريعي الناتجة عن موجة تغيرات جامحة للقوانين والدستور بصفة خاصة . ففي 1990م ، وعشية إبرام اتفاق دولة الوحدة ، كان التعديل في الدستور الذي أعدته اللجنة الدستورية أول تعديل لدستور الجمهورية اليمنية الوليدة . وفي عام 1994م وعقب انتهاء نيران المواجهة العسكرية ترجم النصر العسكري إلى مكاسب طالت الدستور وعدلت بنوده وفي عام2001م ، عدل الدستور في استفتاء وطني تزامن مع انتخابات محلية . والآن تطرح التعديلات الدستورية من جديد . ولو قسمنا الأعوام 18 على 5 تعديلات دستورية نجد أن في كل ثلاث سنوات وبضعة أشهر يتعدل الدستور اليمني وليس هناك ضمانه أن يكون هذا التعديل هو الأخير . وهذا يؤشر على استفحال القلق التشريعي للنظام السياسي .(19)
وهنا ينتصب سؤال : هل التعديلات الدستورية أدت إلى رقي في العملية الديمقراطية اليمنية أم أنها تتم لغرض في نفس يعقوب ؟!!
أي تعديلات دستورية في الأنظمة الديمقراطية تتم لصالح تطوير المسيرة الديمقراطية ، أما أن إجراء تعديلات لا تجلب من ورائها الخير للتحول الديمقراطي فإن ذل ضرب من العبث وصنف من صنوف المماحكات للفت الأنظار إلى ساحة أخرى وعراك آخر عبثي لا يهدف إلى تسوية الملعب الديمقراطي ورقي الممارسات الديمقراطية .
إذا كان الهدف الذي يتجه نحو تعديل الدستور هو تعميق الوحدة الوطنية وتعزيز الديمقراطية عن طريق توسيع المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أسس عادلة وكفالة كافة حقوق الإنسان وحرياته ، فإن مثل هذا التعديل لا يتطلب المساس بأسس الدستور ، حيث أن تلك الأسس لا تتعارض مع إقامة النظام الديمقراطي المتكامل وممارسة هذه الحقوق .(20)
فأي تعديل دستوري لابد أن يكون منزهاً من النزعات الذاتية والفئوية والحزبية الضيقة ، لا بد أن يكون شفافاً يراعي المصلحة العامة ولا يعصف بأسس ومقومات الدستور .
والملاحظة التي يجب بسطها في هذا المقام ، أننا نغير مواد الدستور دون أن نطبق هذه المواد الدستورية أو يتم تطبيقها بصوره شوهاء ويكون الخطأ ليس في المادة الدستورية وإنما في التطبيق الأعرج لها .
ففي الساحة الديمقراطية تحدث عراكات واحترابات دامية حول تغيير أو عدم تغيير المواد الدستورية (التي أصلاً لا تطبق ) ، وعلى شكل النظام السياسي : هل يكون رئاسياً أم برلمانياً أم مختلطاً ؟! وهل يصلح نظام الغرفتين للديمقراطية اليمنية أم لا ؟! .
إن القوى السياسية تصرف طاقة كبيرة في سجال عسير ومتشنج حول هذه القضايا التي لا تطبق إلا من زاوية شكلية في المسرح الديمقراطي اليمني . نريد نظاماً رئاسياً ونحن لم نطبق بعد النظام البرلماني أو النظام المختلط ، نريد قائمة نسبية في الانتخابات ونحن لم نطبق بصورة قانونية صحيحة القائمة المطلقة… إن التغييرات التي تحدث في التجربة الديمقراطية ملحوظة بشكل ملموس للغاية في الدستور والقوانين والأنظمة التي لا تطبق إلا من ناحية سطحية ، وتلهث الأحزاب والنخب السياسية وراء هذه التغييرات والتعديلات و تهمل القضايا الأساسية الجوهرية مثل الفساد ، بناء مؤسسات الدولة، عسر الوضع الاقتصادي وشقاء العامة ، الاختلالات الأمنية ، والتصدع المجتمعي ، والفصل في السلطات واختلال ميزان العدالة ، والضعف المزمن لجهاز القضاء ، والجهل والفقر والمرض ، وتضييق الخناق على الممارسات الديمقراطية ، وانهيار هيبة الدولة ، وتسيد الفوضى ، وبروز النزعات المدمرة القبلية والعشائرية والأسرية والشطرية والمذهبية التي تفكك نسيج الوحدة الوطنية .
وهذا الحديث يجرنا إلى الحوارات والاتفاقات المتكررة ما بين القوى السياسية ( أحزاب المعارضة والسلطة ) ، حول الانتخابات ونزاهتها ، والحوارات التي لا تفضي إلى شيء سوى تضييع الوقت وبهرجات إعلامية وخطب منبرية منذ قيام الوحدة وحتى اليوم ولا زالت هذه القوى حتى اللحظة تبرم الاتفاقيات وتقيم الحوارات لتحسين البيئة الانتخابية وإدخال تعديلات دستورية وحول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وعدم تدخل القوات المسلحة والأمن في العملية الانتخابية والديمقراطية وعدم استخدام المال العام والوظيفة في الدعاية الانتخابية والسجل الانتخابي النظيف … الخ .
فمنذ عشرين سنة والقوى السياسية تلوك هذه المقولات والعبارات وتدبج الاتفاقيات وتقيم المهرجانات للتوقيع عليها ولا تجد هذه الاتفاقيات طريقها للنور ( إني أسمع جعجعة ولا أرى طحينا ).
فالاتفاقيات والحوارات بروحها ودمها هي هي منذ قيام الوحدة اليمنية ، والتجاوزات و الخروقات هي هي، ويتم التوقيع على اتفاقيات تخرج من رحمها اتفاقيات أخرى وكل ذلك حبر على الورق لانعدام المصداقية .
ولنتأمل آخر اتفاق ما بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة لا يعدو عن كونه تكراراً ممل لنفس القضايا التي تم التحاور عليها سابقاً ، حيث أن اتفاق 23 فبراير 2009م ، وينص على :
إدخال تعديلات على النظام الانتخابي .
إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء .
إجراء تعديلات دستورية .(21)
جملة يمكن القول،أن القادحة الكبرى في الانتخابات اليمنية والتعديلات دستورية هي أنها لم تؤد إلى تطور في التجربة الديمقراطية اليمنية بل أدت إلى مشاحنات واحترابات واحتكار للسلطة وتضييق باب المشاركة السياسية وضعف البناء المؤسسي والتحكم القوي من الأعلى بالتحول الديمقراطي حسب الأهواء والنزعات الفردية .
كان من المفترض أن تتطور المؤسسات الديمقراطية عقب كل تعديلات دستورية ودورة انتخابية، وما حصل العكس : انكماش للتحول الديمقراطي ، وضيق حدود المشاركة السياسية ، وضعف فادح في آلية عمل المؤسسات الدستورية والقضائية والتشريعية ، وازدياد حدة تدخل السلطة التنفيذية في صلاحيات المؤسسات بل وصل الأمر إلى التهام صلاحياتها .
فلا يحق للأغلبية أن تضطهد الأقلية وتصادر حقوقها أو أن تمارس سلوكيات وتصرفات خشنة خارج إطار الدستور والأنظمة والقوانين والأعراف الديمقراطية ، فتحت مظلة الأغلبية لا يجوز اختراق الدستور واللعب بالأنظمة والقوانين وتكسير أجنحة المؤسسات والعبث بالثروة الوطنية وممارسة الفساد وانتهاك حقوق الإنسان والمواطنة المتساوية .
3.مطاعن التحول الديمقراطي وعثراته :
الانتخابات والديمقراطية الحقة لا تؤدي إلى حرب ، لا تؤدي إلى ارتفاع منسوب الكره الاجتماعي، لا تؤدي إلى التشظي المجتمعي ، ولا إلى تفكك التعاضد الوطني ، ولا إلى الفساد والفوضى ، فيكفي أن نعرف أنه بعد انتخابات 27 ابريل 1993م حدثت حرب صيف 1994م ، وضرب الحزب الاشتراكي اليمني الذي شكل حكومة ائتلافية مع المؤتمر الشعبي العام من عام 1990-1994م .ودخل المؤتمر الشعبي العام في تحالف سلطوي مع التجمع اليمني للإصلاح ( الذي كان شريكاً للمؤتمر الشعبي العام في حرب 1994م و جنى غنائماً ومصالح من وراء الحرب – وهو حزب إسلامي ) من عام 1994-1997م ، لينفض هذا التحالف بشكل نهائي بإعلان نتائج الانتخابات المحلية في فبراير 2001م ، وكان من نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2003م حرب صعدة ( شمال الشمال ) التي اشتعلت نيرانها في صيف 2004م ، ثم الانتخابات الرئاسية في عام 2006م ليعقبها بزوغ الحراك الجنوبي الذي تطالب بعض فصائله إلى فك الارتباط .(22)
فالتحول الديمقراطي الصحيح لا بد أن يؤدي إلى تنمية سياسية وإلى تسوية للملعب الديمقراطي وإلى تخفيض النزعات العصبوية القبلية والعشائرية والفئوية والشطرية ، وإلى تسوية للخلافات والعراكات السياسية والاحترابات القبلية والشطرية والمذهبية ، ويتم المحافظة على مصالح الشركاء وشبكة العلاقات الاجتماعية الإنسانية على قاعدة الدستور والنظام والقانون العادل .
ويتحقق الاستقرار في أي مجتمع نتيجة عدة عوامل – حسب تعبير د. علي الدين هلال – : من بينها وجود توازن بين النظام السياسي وبيئته الاجتماعية ، ويقصد بذلك تحقيق أربعة أبعاد :
الأول : أن يعكس النظام السياسي القيم الثقافية والاجتماعية الرئيسية للمجتمع .
الثاني: أن تعكس سياسة النظام مصالح وأهداف الجماعات والطبقات المؤثرة في المجتمع .
الثالث: أن يوجد النظام قنوات الاتصال القادرة على ربط كافة أجزاء الجسد الاجتماعي بحيث تشعر كل جماعة أو فئة أنها تستطيع أن تؤثر في عملية صنع القرار .
الرابع: أن تعكس النخبة في داخلها القوى المجتمعية بحيث تشعر كل قوة بأن النخبة تمثل امتداداً لها.(23)
ومن الإنصاف القول ، أنه مع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م تساوقت معها الديمقراطية والتعددية الحزبية التي كانت محرمة سابقاً في ( الجمهورية العربية اليمنية ” الشمال ” )، و( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ” الجنوب “)،ومع الوحدة ظهرت ملامح التحول الديمقراطي:
1- دستور للدولة الوليدة يعترف بالديمقراطية والتعددية الحزبية ويعتبر الديمقراطية ركناً من أركان النظام السياسي .
2- ظهرت إلى السطح الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني تعمل بشرعية وحماية قانونية ودستورية .
3- الانتخاب الديمقراطي الحر .
4- حرية الصحافة والقول والتعبير الديمقراطي .
5- الخطابات الديمقراطية الأنيقة التي تمجد الديمقراطية وتدين الأنظمة الشمولية .
6- الاعتراف بحقوق الإنسان ولو بصورة شكلية .
7-الدفع بمشاركة المرأة إلى الأمام في الهيئات الرسمية والفضاء المدني ، ففي انتخابات عام 1993م البرلمانية فازت امرأتين بعضوية البرلمان ، ومن ثم تراجع هذا التمثيل للمرأة في الانتخابات البرلمانية في عام 1997م وعام 2003م حيث فازت المرأة بمقعد واحد في مجلس النواب .(24)
8- بزوغ التحالفات الديمقراطية الحزبية والسياسية والاجتماعية والائتلافات الحكومية ومشاركة أوسع في السلطة السياسية .
9-حوارات ديمقراطية واسعة ومكثفة بين أطياف العمل السياسي وانبثاق المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات التي كانت تعبر عن مضمون ديمقراطي سوي .
10- ولادة عدد كبير من القوانين والأنظمة المنبثقة من صميم وروح الديمقراطية .
11- محاولات حثيثة لتطبيق المساواة والمواطنة الواحدة .
12- حراك فكري وثقافي لترسيخ مفاهيم الديمقراطية .
13- السعي لتأمين الحاجات الضرورية للناس ولنشر التعليم والثقافة وإيصال الخدمات العامة للمواطنين.
14- تصورات جادة لبناء دولة المؤسسات واجتثاث الفساد وتوطيد مكانة المجمع المدني .
غير أن الأمور أخذت للأسف الشديد مساراً آخر ، فتفجرت الأزمة في نهاية 1993م ، ثم اشتعلت الحرب في صيف 1994م ، وعقبها قاد القائمون على السلطة حركة انقضاض على مضامين الشراكة الوطنية والمشروع الديمقراطي الوليد القائم على التعددية السياسية والحزبية ، انسدت آفاق الأمل التي كانت قد انفتحت واسعة أمام اليمنيين يوم 22 مايو 1990م . وشيئاً فشيء استعادت السلطة الفردية وبصورة ممنهجة هيمنتها الاستبدادية … فجرى إعادة تفصيل الدستور لتكريس سلطة الفرد ، على حساب دور مؤسسات الدولة التي جرى تحويلها إلى واجهات شكلية خالية من المضمون . (25)
فالعقلية الاستبدادية تتناشز مع القيم الديمقراطية والحريات العامة والمؤسسات الديمقراطية ، فتهيمن على كل شيء وتعطل المشاركة السياسية وديمومة المجتمع المدني ، فينتشر الاغتراب السياسي والاجتماعي جراء الهيمنة والعنف القاسي :
وتحيل أفراد الشعب إلى كائنات عاجزة ، فالشعب مغلوب على أمره ، مستلب من حقوقه وممتلكاته المادية والمعنوية ، ومنجزاته ومؤسساته ومهدد في صميم حياته وكيانه .(26)
فجمود الصفوة السياسية وعدم رغبتها في الإصلاح الحقيقي ، وتمدد الفساد ، وحرب صعدة ، والحراك الجنوبي ، والعمليات العسكرية لتنظيم القاعدة ، وغلبة طابع المكايدات والدسائس السياسية في المجتمع ، والعنف ، ومعضلات الانصهار الوطني وسوء توزيع الثروة ، وتمدد القبيلة على حساب الهيئات والمؤسسات النظامية ، وفقدان الثقة بالتحول الديمقراطي من قبل الجماهير ، والوضع الاقتصادي المتردي، والتعددية الحزبية الهشة ، والثأر السياسي ، وعلاقة التشاحن ما بين السلطة والمعارضة ، والقلاقل السياسية والاجتماعية والأمنية ، وعسكرة المجتمع ، ورواسب التشطير ، واختلال التوازن السياسي ، وتراجع أدوارالمرأة في المجتمع ، وعدم احترام الحقوق وحرية الصحافة والقول وحرية الرأي والرأي الآخر … والخ .
كل المسائل الآنفة الذكر من جملة المطاعن المعرقلة للتحول الديمقراطي في الجمهورية اليمنية ولعل أكبر معضلة هي ضعف وهشاشة مؤسسات الدولة التي لا يمكن قيام ديمقراطية حقيقية بدونها . وعقلية التآمر والإقصاء لا زالت مرتوقة في مضائق الأذهان ولا زالت ثقافة القهر والشمولية والعلاقات الانتباذية سائدة في غميس التجربة الديمقراطية ، فالقوى المؤثرة لا تعترف إلا بالون الأبيض أو الأسود ولا تعترف بالمنطقة الرمادية ، ولا زال الصراع الديمقراطي في حلبة العنف والاحتراب ولم ينتقل إلى حلبة التفاهم والتسامح والعقلانية والحوار وتأسيس تقاليد للحوار الديمقراطي والتسامح والمساواة والحلول الوسطية ، أو على حد تعبير أحد الباحثين :
إن عقلية الاستئصال هذه هي التي أنتجت الثقافة السياسية الصفرية ويعني بها أن المعادلة التي تحكم الصراعات الاجتماعية داخل المجتمع والدولة تتميز بأن الفائز يفوز بكل شيء والخاسر يترك كل شيء.(27)
فخلال العشرين السنة الماضية من عمر التجربة الديمقراطية لم تحدث تغيرات كيفية في حياة المجتمع ، والانتخابات الديمقراطية فقدت رونقها لروتينيتها حيث أنها تعيد استنساخ الأوضاع المتردية في ظل معارضة ضعيفة ومكسرة الأضلاع ، وسلطة تتمدد على حساب النهج الديمقراطي ، وجماهير فاقدة لبوصلة التمييز لم تعد تكترث بالديمقراطية والانتخابات البرلمانية والملية والرئاسية ، لأن هذه المحطات الانتخابية وآليات الديمقراطية لم تساعدها على تحسين حياتها ، فألتهم الفساد ثروة المجتمع وأوصل المجتمع إلى حافة الهاوية في ظل الفوضى والاحترابات الداخلية :
بلغت خسائر حرب صيف 1994م ( 12 مليار دولار )، وخسائر حرب صعدة ( 850 مليون دولار )، بلغت حصيلة الفساد في اليمن لعام 2008م ، 105 ترليون ريال حسب تقدير المنظمات المحلية والدولية ، فالفقر أتسع حجمه حيث أن 50 % من السكان فقراء ، ووصلت البطالة إلى 40%، ويزداد الفقر سنوياً بنسبة 5% ،وتضاعفت أسعار المواد الغذائية أكثر من 32 مرة عما كانت عليه عام 1990م وكان نصيب الفرد عام 1990م 531 دولار أنخفض إلى 270 دولار سنوياً، وتدهور دخل الموظفين أكثر من عشر مرات عما كان عليه في عام تحقيق الوحدة اليمنية ، وتخسر اليمن سنوياً 180 مليار ريال جراء تهريب الديزل إلى الدول المجاورة ، ومن جراء عدم التحصيل الصحيح للضرائب تخسر خزينة الدولة 3.5 مليار دولار سنوياً ، و60% من الميزانية العامة تغذي الفساد والمؤسسة العسكرية والقبلية(28)
ففي وسعي أن أقول ، أن ثمة مطاعن وعثرات بارزة في مسيرة التحول الديمقراطي في الجمهورية اليمنية نختصرها على النحو التالي : (29)
1.العقلية الشمولية التي لا تعترف بأزمة التحول الديمقراطي وتتبع سياسة وضع الرأس في الرمال وتقف ضد فكرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل .
2.امتصاص روح ومضمون الديمقراطية والانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية والابقاء على المظاهر الاحتفالية للديمقراطية .
3.انفجار حرب صعدة في شمال الشمال عام 2004م ، وظهور الحراك الجنوبي عام 2006م ، وتصاعد العمليات والاصطدامات المسلحة ما بين السلطة وعناصر ” تنظيم القاعدة في اليمن ” ، قد هز كثيراً شوكة الديمقراطية والنظام السياسي وأفسح المجال لدوامة من العنف الذي يعرقل التحول الديمقراطي .
4.ضعف سلطة الدولة التي تطحن عظام المواطن البسيط ، وتتنازل عن سلطتها لصالح القوى التقليدية القبلية والعشائرية والمناطقية .
5.ضعف سلطة القضاء والسلطة التشريعية والبرلمانية ، ففاعلية هذه السلطات لا تظهر إلا أمام كامرات التلفزة والقنوات الفضائية وخطب القائمين عليها في الجلسات والمهرجانات والفعاليات العامة.
تمدد سلطة القبيلة وشرائعها وأعرافها وامتدت إلى المناطق الجنوبية التي كانت تتميز بضعف هذه النزعات وبقوة سلطة الدولة والنظام والقانون .
7.زيادة أعداد منظمات المجتمع المدني حيث بلغ تعدادها 7074 منظمة مدنية ، وضعف تأثيرها وفعاليتها في المجتمع حيث أن 50% منها وهمية حسب إحصائية رسمية .(30)
تشابك السلطات وتداخلها مع تعاظم نزعة العنف ومؤسسات القوة .
9.شكلية أغلب الأحزاب السياسية البالغ عددها 23 حزباً سياسياً ، وكثرة الانقسامات والتشظيات الحزبية ، وتفريخ السلطة للأحزاب والتأثير القوي للنزعات العصبوية والفئوية والقبلية والشطرية في مناشطها .
10.ضعف الثقافة الديمقراطية ( ومتانة الثقافة التقليدية ) ، عنوان بارز في مسيرة التحول الديمقراطي، ويترجم هذا الضعف بالفوضى والتلبكات وغياب الوعي المتنور الذي يهذب النهج الديمقراطي ، وطغيان العفوية والعشوائية في المشهد الديمقراطي ، والانفعالات والتشنجات بارزة لا تخطئها العين وغياب الخطوات المدروسة والمنسقة والبعد الاستراتيجي .
11.ازدياد مساحة الفقر والفاقة وازدياد أعداد الفقراء والشحاذين والمشردين والمنكوبين اجتماعياً .
12.بروز ظاهرت التشظيات الاجتماعية والتفكك المجتمعي .
13.توسع رقعة الفساد في السلطة والمجتمع ومنظمات المجتمع المدني وبمستويات متباينة .
14.ضعف الأمن الغذائي والنفسي والشخصي لأفراد المجتمع .
15.كثرة الاصطدامات والقلاقل اليومية والاحترابات المسلحة بألوان شتى .
16.صعوبة التناوب السلمي للسلطة وزيادة المخاوف من توريثها ، وضيق رقعة المشاركة السياسية.
17.طغيان الفوضى على حساب سلطان النظام والقانون .
18.سوء أحوال الخدمات الاجتماعية مع تفشي الفساد والرشوة وانتهاب المال العام .
انتشار ظاهرة الثأر والمظاهر المسلحة وزيادة وثيرة التسلح والاختطافات التي بلغ عددها 1784 حالة اختطاف من عام 1993-2008م في المجتمع مما يهدد الديمقراطية والأمن والأمان والسلام الاجتماعي ، فهناك أسلحة ثقيلة وخفيفة لدى بعض الفصائل والقبائل ، فضلاً عن انتشار الأسلحة الصغيرة التي تقدر الدراسات عددها بـ50-60 مليون قطعة سلاح .(31)
سيناريوهات التجربة الديمقراطية على المدى المنظور :
العقبة الكأداء التي تقف في مسيرة التحول الديمقراطي هي عدم وجود دولة ديمقراطية بمؤسسات فاعلة فهذه أولى أولويات التحول الديمقراطي ، لأن الحديث عن الديمقراطية في ظل غياب أو ضعف هذا العامل الأساسي والحاسم للعملية الديمقراطية ، هو حديث دخاني وغير منطقي لا يقصد منه إلا المزايدة السياسية ومزيد من إغواء العامة ومغالطة الرأي العام .
فالمشكلة لدينا بدرجة رئيسية ليس مشكلة دستورية أو قانونية ( وإن كانت هذه المشكلة تندرج ضمن الإشكاليات الأخرى ) ، وإنما مشكلة تطبيق الدستور والقوانين التي لا تطبق على أرض الواقع إلا بطريقة عرجاء .
فإن المعوقات الأساسية لتطبيق القانون تتمثل بضعف الدولة وفساد أجهزتها وغياب العدالة والديمقراطية واستمرار سيطرة الماضي الذي تعود جذوره إلى ما قبل الدولة والقانون ، من أعراف وعادات ومؤسسات تقليدية وغياب الوعي الحقوقي ودور المؤسسات التي تخلق هذا الوعي … وهكذا نجد ، أن الفساد السياسي لم يؤد إلى عدم تطبيق القانون فقط ، بل وشكل لدى قيادات أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة ، نفسية تنفر من القانون و تستهوي انتهاك حقوق الإنسان ، وهو أمر يوجد صعوبات إضافية أمام تطبيق القانون ويتطلب استبدال هذه القيادات لكي تحترم الشرعية الدستورية والقانونية ، وهذه إحدى أزمات اليمن في ظل الجمهورية اليمنية .(32)
فالتجربة الديمقراطية تجمدت والوضع يزداد سوءً وما فاقم الأزمة حرب صعدة ، والحراك الجنوبي ، والعمليات العسكرية لتنظيم القاعدة ، وسوء الأحوال المعيشية ، والفساد الذي يضرب أركان التجربة الديمقراطية , والديمقراطية والانتخابات بصنوفها وأشكالها لم تؤد إلى : الأمن الغذائي ، ولا إلى الأمن السياسي ، ولا إلى الأمن الحياتي ، ولا إلى الأمن الثقافي والتعليمي ، ولا إلى الأمن النفسي والشخصي ، ولا إلى فض المنازعات وحل الإشكاليات ، ولا إلى توسيع المشاركة في الحكم بل أدت إلى ضيق هامش المشاركة السياسية وتوسع أركان المركزية الشديدة ، وتبذير المال العام ، وتقوي مخالب الفساد ، وتخلخل هياكل المؤسسات ، وانتهاب الممتلكات والأراضي والأموال ، والتدخل الفض لمؤسسات القوة في الحياة المدنية وتركت مهامها الأصلية في الدفاع عن حياض الوطن واستتباب الأمن والسكينة في المجتمع .
الفضاء العام يؤشر أن ثمة طرق سيتخذها التحول الديمقراطي في اليمن على المدى المنظور نختزلها على النحو التالي :
1.تنازل النخب السياسية: القابضة على مجريات الأمور عن بعض سلطاتها وسلوكياتها الشمولية لصالح التحول الديمقراطي لفسح المجال لعملية سياسية وديمقراطية تدفع بالوضع العام إلى النماء وتحرك الدوائر الراكدة في أغوار المجتمع وتبعث الحياة في شريان الجسد الديمقراطي بحيث تقوم بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية مقبولة تعطي للديمقراطية وهجها وتفجر الطاقات الكظيمة ، بعد أن تكون قد اقتنعت أنه لا مندوحة لها إلا الإصلاحات الحقيقية التي تصب لصالح الخير العام .
2.ضغط المجتمع المدني : في ظل تصلب السلطة وإصرارها على نهج قعقعة السيوف ، وإنكارها للأزمات ، ونفورها من الإصلاحات العميقة ، وتكرارها للأخطاء الجسيمة تحت شعار الديمقراطية ، واحتكارها للسلطة والثروة والإعلام ومواصلتها في شل حركة التحول الديمقراطي ، ستجبرها القوى الشعبية الحية ومنظمات المجتمع المدني على التنازل لتفسح المجال لحراك ديمقراطي وتنمية شاملة ، وتزيح المحاجزات الديمقراطية لتسير الانتخابات والعملية الديمقراطية بشكل سلس ومتناغم ، وتضع التجربة الديمقراطية رجلها في سكة القطار السليمة ، وتعود الحياة إلى التجربة الديمقراطية بصورة شفافة لمزيد من التدامج والتآزر والتعاضد المجتمعي ولترصين اللحمة الوطنية لزرع شتلات الحرية والديمقراطية والوئام المدني وكسر قوقعة التصلب القبلي والمذهبي والشطري وتقويم الحماقات لصالح المدنية وثقافة التحضر.
3.انسداد الأفق السياسي بالكامل واحتقان واحتراب مجتمعي يؤدي إلى صدمة مزلزلة بالتحول الديمقراطي ، بعد أن تكون الأزمة المستفحلة والمتصاعدة بقوة قد قصمت ظهر الديمقراطية الفسيفسائية وعم الخراب المترع بالطنين والتشوش فتطغى لغة السلاح ومن ثم الدخول في أتون حرب أهلية قاسية ومريرة تأكل الأخضر واليابس وقد تؤدي إلى انتصار قيام الديمقراطية وكسر الأوهام للفلاح في معركة التنمية الديمقراطية ، وإفساح المجال للعيش بأفق جديد بعد معركة قاسية ، ومن رحم المحن والعذاب تنبجس ديمقراطية حقيقية لتمتد إلى أفق إنساني يحفظ الأمن والسلام والمواطنة المتساوية ويعيد الكرامة المهدورة والحقوق المنهوبة والصورة اللامعة للديمقراطية بدون رتوش أو مساحيق تجميل زائفة .
إن اليمن اليوم ، وطناً وشعباً ، قد وصل تماماً إلى حافة الهاوية ، وأصبح يقف وجه لوجه أمام احتمال حقيقي وواقعي بتفجر ” حرب أهلية ” مرعبة ومروعة في سيناريوهاتها الواضحة وأن النظام الحاكم الراهن يجب أن يتحمل كامل المسؤولية ، الوطنية والأخلاقية ، عن إيصال البلاد إلى هذا الوضع المنهار والمتردي والمفكك عبر سياساته الخاطئة المختلفة وإجراءاته وممارساته العصبوية المناطقية الطائفية الأسرية الضيقة ، وأن استمرار احتكاره وسيطرته على الحكم ، سوف يقود البلاد سريعاً إلى هاوية تهدد الوطن اليمني ، كياناً ووجود بكل معاني الكلمة .(33)
4.ضغوط إقليمية ودولية لترميم جسد التجربة الديمقراطية وتحسين وجهها الذي لا يلامس إلا السطوح الراكدة ، ستستجيب السلطة لضغوطات دولية ، مع موافقة قوى المعارضة على ذلك بشكل جزئي أو كلي، فما يهم القوى الدولية في اللحظة الراهنة هو محاربة ” الإرهاب ” و “تنظيم القاعدة ” والحفاظ على مصالحها وعلى الدوام ترغب بأنظمة سياسية بلا مخالب ولا أسنان ، مع معزوفات جميلة للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان بضياء باهر وحداثة ملتبسة .
ولقد قال مرة الدكتور / علي خليفة الكواري :
إن الحكومات الغربية في الماضي والحاضر ليست متحمسة بشكل عام للديمقراطية في الأقطار العربية، هذا إذا لم تكن ضدها في بعض الأقطار إذا تعذر إفراغ الديمقراطية من توجهاتها الوطنية . وحيث لا يوجد طلب شعبي فعال على الديمقراطية أو حركة وطنية يحتمل أن توازن ضغط المصالح الأجنبية أو يحتمل أن تصل إلى الرأي العام الخارجي وتكسبه ضد تصرفات حكوماته في المستقبل ، فإن النفوذ الأجنبي صاحب المصالح المحلية سوف يظل عامل إعاقة للديمقراطية .(34)
الخـــاتـمة:
لقد قال القائد العربي قتيبة بن مسلم الباهلي ( 674-717م ) ، عندما عزلة الخليفة سليمان ابن عبدالملك عن ولاية خرسان : ” الإمارة حلوة الرضاع مُـرة الفطام ” .(35)
فتنازل النخب السياسية أمر مرعب ومر المذاق وغير مستساغ لكثرة كاثرة من النخب التي تنزع إلى تضخيم نفسها واستلاب شخصية الفرد والمجتمع ، وتمارس اغتصاباً مستمر لحياة الناس دون أن يرمش لها جفن ومحاطة بحاشية تحجب عنها الحقائق ومستندة إلى منطق القوة والعنف .
فغرور القوة يدفع صاحبة إلى الأعلى ، وقد يجبره على الهبوط إلى القاع !! .(36)
فالتحول الديمقراطي بمسيس الحاجة إلى : صفوة سياسية واعية ، وبيئة اجتماعية متحضرة ، وثقافة سياسية مؤثرة ، ومؤسسات ديمقراطية ، وتحول شامل في حياة المجتمع إلى الأفضل . يحتاج التحول الديمقراطي إلى أحزاب ومنظمات مجتمع مدني فاعلة ، وتحالفات وطنية واسعة ، وإبعاد مؤسسات الإكراه عن التدخل في العملية الديمقراطية ، ولا ننسى أن نشير أن التحول الديمقراطي يحتاج إلى دعم دولي شفاف .
فمن خلال العرض السابق لمطاعن الانتخابات والتحول الديمقراطي في الجمهورية اليمنية نستنتج الآتي:
أن التجربة الديمقراطية في اليمن وصلت إلى طريق مسدود حيث تسير بخطوات ملجومة .
التحول الديمقراطي لم يؤد إلى تطور في حياة الشعب ، بل أن الأوضاع تزداد سوءً .
3.أن مناخ التحول الديمقراطي غير ملائم وأبرز ملامح هذه المناخ عدم وجود دولة مؤسسات توطد التحولات الديمقراطية وتنشر السكينة في المجتمع ، ومداميك التحول الديمقراطي في اليمن هشة وركيكة البنيان .
4.الانتخابات النيابية والرئاسية والمحلية والتعديلات الدستورية لم تدفع بالحراك الديمقراطي إلى الأمام بل أعادت إنتاج الأوضاع بصورة مأزومة ، وأفضت إلى ضيق حدود المشاركة الديمقراطية وانفجار الحرب في محافظة صعدة ، والتهاب الأوضاع في مناطق الجنوب والمواجهات الدموية ما بين السلطة وتنظيم القاعدة .
لقد وصلت التجربة الديمقراطية إلى أفق مسدود ، والبارز في التحول الديمقراطي انتخابات تعيد شرعية السلطة ، وحريات عامة وحرية صحافة مقننة يتم التحكم بها من الأعلى ، وعراكات سياسية تفضي لحوارات واتفاقيات لا تجد طريقها للتنفيذ ، وجماهير يائسة فاقدة لبوصلة الوعي السياسي والثقافة الديمقراطية ، وفساد وفوضى كاسحة تجاوزت كل الحدود ، وتدهور اقتصادي واجتماعي وأخلاقي وحياتي شامل . ولقد كتب أحد الصحفيين المخضرمين متذمراً من الأوضاع المتردية وعاكساً التذمر الشعبي العام ووضع الجميع في سلة بيض واحدة ، حيث قال :
صابرون نتألم بصمت ، ونحزن بصمت وننام بصمت ونبكي أحياناً كثيرة بصمت … ونتظاهر بأننا نلعب معكم لعبة الديمقراطية والتعددية الحزبية ، ونشارك في انتخابات نعرف مسبقاً من سيفوز فيها ، لعبنا معكم لعبة الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة ، وأنتم واحد ، لا فرق بينكم إلا في كيفية الضحك على عقولنا … تتخاصمون ثم تتفقون ثم تتحاورن ، ونحن لا ندري لماذا اختلفتم ؟ وعلى ماذا اتفقتم ؟ وفي أي شيء تتحاورون ؟ لأنكم بالنسبة لنا واحد ( سلطة ومعارضة ) … نقول لكم اختلفوا كما تشاؤون وتحاوروا كما تشاؤون حتى إلى يوم الدين ، لأن ذلك كله لم يعد يهمنا ، لم يعد يهمنا أن تختلفوا على كيفية تشكيل لجنة الانتخابات ، لأن الانتخابات نفسها لم تعـد تهمنا .. لقد لعبنا معكم حتى الآن لعبة الديمقراطية آملين أن يحصل شيء وأن تتحسن أحوالنا المعيشية ، ولكن مع الأسف وجدناكم تكذبون علينا ، أنتم المستفيدون ، من كان منكم في السلطة ومن كان منكم في المعارضة ، فأنتم واحد لا فرق بينكم .. لقد أصبحنا غير قادرين على تحمل خلافاتكم ، ولم يعد يهمنا تحميل المسؤولية لبعضكم البعض ، لن نقرأ بعد الآن بيانات الإدانة التي تصدر من طرف منكم ضد الطرف الآخر ، فأنتم لنا طرف واحد.(37)
لقد وصلت الأمور إلى درجة لا تطاق ، وهذا ما عبر عنه الأستاذ / محمد سالم باسندوة ( وزير الخارجية السابق ، ورئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني ) ، عندما تهاطلت الدموع من عينيه وهو يقول :
كم أنا حزين وأن أرى وطني قد وصل إلى ما وصل إليه اليوم .. إن الانتخابات النيابية القادمة التي أستبعد أن تتم يجب أن تكون وسيلة للانتقال بالوطن إلى الأفضل وليس إلى الأسوأ ، أنا حزين على وطني الذي يسير إلى الوراء بعد هذا العمر الطويل وأخشى أن أموت قبل أن أرى الوطن مزدهراً وآمناً.(38)
الـهـوامـش :
د.علي الدين هلال ، (( مفاهيم الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث )) ، في : أزمة الديمقراطية في الوطن العربي ، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة لعربية ، ط2 ، يناير 1987م ) ، ص36 .
موريس دوفرجيه ، الأحزاب السياسية ، ترجمة : علي مقلد وعبد الحسن سعد ، ( بيروت : دار النهار ، 1980م ) ، ص356 .
أنظر : د.سمير عبد الرحمن هائل الشميري ، في فضاء الكلمة الحرة ، ( صنعاء : مركز عبادي للدراسات والنشر ، ط1 ، 2008م ) ، ص44-45 .
د. عبد العظيم رمضان ، (( محاكم التفتيش )) ، العربي ( الكويت ) ، العدد 258 ، ( مايو/ 1980م ) ، ص44 .
د. جابر الأنصاري ، (( الديمقراطية ومعوقات التكوين السياسي العربي )) ، في : د.علي خليفة الكواري وآخرون : المسألة الديمقراطية في الوطن العربي ، ( بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية ، ط1 ، مايو 2000م ) ، ص108-109 .
عبد الرحمن ابن خلدون ، مقدمة ابن خلدون ، ( بيروت : دار الفكر ، د.ت ) ، ص 150 .
د.محمد فريد حجاب ، (( أزمة الديمقراطية الغربية وتحدياتها في العالم الثالث )) ، المستقبل العربي ( بيروت ) ، السنة 15 ، العدد 164 ، (أكتوبر/1992م ) ، ص85 .
عبد الوهاب عبده علي الشامي ، (( دوم قراطية اليمن الحديثة )) ، الشورى (صنعاء) ، العدد 151 ، ( 6/11/1994م ) ، ص7 .
د. محمد عابد الجابري ، الديمقراطية وحقوق الإنسان ،( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، ط2، أغسطس 1997م ) ، ص 93 .
د. سمير عبد الرحمن الشميري ، محاضرات في علم الاجتماع السياسي ، سلسلة الكتاب الجامعي ، ( عدن : دار جامعة عدن للطباعة والنشر ، ط1، 2005 م ) ، ص197 .
أ.د. ناظم عبد الواحد الجاسور ، موسوعة علم السياسة ، ( عمان : دار مجدلاوي للنشر والتوزيع ، ط1، 2004م ) ، ص83 .
المرجع السابق ، ص83 .
د. أحمد عبد الرحمن شرف الدين ،(( المبادئ العامة لقوانين الانتخابات )) ، في: النظم الانتخابية ومستقبل الديمقراطية في الجمهورية اليمنية ،بحوث ومناقشات الندوة المنعقدة في صنعاء 16-17 / فبراير / 1993م ، ص13 .
مجموعة من الباحثين ، التحول الديمقراطي اليمني .. التحدي .. الاستجابة ، ( صنعاء : المعهد اليمني لتنمية الديمقراطية ، ط1، 2003م ) ، ص220 .
أنظر : التقرير الاستراتيجي اليمني 2008م ، ( صنعاء : المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية ، 2008م ) ، ص25-30 .
المرجع السابق ، ص36 -37 .
د. عبد الله الفقيه ، المواطنة السياسية في الجمهورية اليمنية ( 1990-2007م ) ، الأبعاد الدستورية والقانونية والعملية( تعز : ملتقى المرأة للدراسات والتدريب ، ديسمبر 2007م ) ص186
أنظر : د. سمير عبد الرحمن الشميري ، في فضاء الكلمة الحرة ، مرجع سابق ، ص128 .
أحمد عبد الله الصوفي ، (( التعديلات الدستورية ومصادر القلق التشريعي في الجمهورية اليمنية)) ، الشارع ( صنعاء ) ، العدد62 ، ( 23/8/2008م ) ، ص12 .
د. محمد أحمد علي ، قضية دولة القانون في الأزمة اليمنية ، الجزء الأول ، (بيروت: دار الكنوز الأدبية ، ط1 ، 1999م ) ، ص159 .
التقريرالإستراتيجي اليمني2009م( صنعاء:المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية2009م ) ص26.
أنظر : عبده سيف القصلي ، (( في ذكرى يوم الديمقراطية .. عشرون عاماً من الصراع)) ، الناس ( صنعاء ) ، العدد494 ، (26/4/2010م ) ، ص8-9 .
عمرو عبد الكريم سعداوي،(( التعددية السياسية في العالم الثالث : الجزائر أنموذجاً ))،السياسة الدولية (القاهرة )، السنة 35، العدد 138 ، (أكتوبر/ 1999م ) ، ص60 .
أنظر : د. سمير عبد الرحمن الشميري ، (( المرأة والانتخابات البرلمانية اليمنية )) ، المستقبل العربي ، السنة 28 ، العدد321 ، (نوفمبر/ 2005م ) ، ص91-104 .
اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الأمانة العامة ، مشروع رؤية للإنقاذ الوطني ، ( صنعاء : اللجنة التحضيرية للحوار الوطني ، سبتمبر 2009م ) ، ص20 .
مقابلة مع د. حليم بركات ، أجراها : هاشم قاسم ، المستقبل العربي ، السنة32 ، العدد 369 ، (نوفمبر/2009م ) ، ص122 .
عمرو عبد الكريم سعداوي ، مرجع سابق ، ص71 .
تم تجميع المعلومات من مصادر متنوعة .
أنظر : د. سمير عبد الرحمن الشميري ، المجتمع المدني والمواطنة المتساوية ، ( صنعاء : مركز عبادي للدراسات والنشر ، ط1 ، 2008م ) ، ص205-244 .
الوسط ( صنعاء ) ، العدد 303 ، (1/9/2010م ) ، ص8 .
عبد السلام أحمد الحكيمي ، الأسلحة الصغيرة في اليمن ، ( صنعاء : مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية ، يناير 2010م ) ، ص47 .
د.محمد أحمد علي ، مرجع سابق ، ص113 ، 118 .
عبد الله سلام الحكيمي ، (( مع الحوار الوطني الجاد والمثمر .. وليس ضده )) ، التحديث (عدن ) ، العدد136، (8/9/2010م ) ، ص8 .
د.علي خليفة الكواري ، (( نحو رؤية مستقبلية لتعزيز المساعي الديمقراطية في أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربي ))المستقبل العربي السنة 24 ،العدد 67 ، (مايو/2001م ) ، ص26
د. إبراهيم بيضون(( قتيبة بن مسلم الباهلي )) ،العربي ، العدد 587 ، (أكتوبر/2007م) ،ص65
أمين هويدي ، (( أمريكا وإستراتيجية الاحتواء والترابط )) ، المرجع السابق ، ص27 .
محمد فارع الشيباني ، (( والآن ماذا ؟ )) ، الأيام ( عدن ) ، السنة 27 ، العدد 5486، (20/8/2008م ) ، ص16
(( كلمة الأستاذ / محمد سالم باسندوة في تدشين المرحلة الثانية من التشاور الوطني لأحزاب اللقاء المشترك يوم الجمعة الموافق 21/11/2008م )) ، الأيام ، العدد 5563 ، (22/11/2008م ) ، ص5